للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه بصورة الهيولى الأكبر. وفتحت هذه المدينة فى أيام الحجاج. واسمها "الملتان" فأراد المسلمون قلع الصنم. فقيل: إن تركتموه ولم تقلعوه جعلنا لكم ثلث ما يجتمع له من المال، فأمر عبد الملك بن مروان بتركه، فالهند تحج إليه من نحو ألفى فرسخ ولا بد لمن يحجه أن يحمل معه من النقد ما يمكنه، من مائةٍ إلى عشرة آلاف، لا يكون أقل من هذا ولا أكثر. فيلقيه فى صندوق هناك عظيم، ويطوف بالصنم، فإذا ذهبوا ورجعوا إلى بلادهم قسم ذلك المال، فثلثه للمسلمين، وثلثه لعمارة المدينة وحصونها، وثلثه لسدنة الصنم ومصالحه.

وأصل هذا المذهب من مشركى الصابئة، وهم قوم إبراهيم عليه السلام، الذين ناظرهم فى بطلان الشرك، وكسر حجتهم بعلمه، وآلهتهم بيده، فطلبوا تحريقه.

وهو مذهب قديم فى العالم، وأهله طوائف شتى.

فمنهم عباد الشمس، زعموا أنها ملك من الملائكة، لها نفس وعقل، وهى أصل نور القمر والكواكب، وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم، منها، من عندهم ملك الفلك، فيستحق التعظيم والسجود، والدعاء.

ومن شريعتهم فى عبادتها: أنهم اتخذوا لها صنما بيده جوهرة على لون النار. وله بيت خاص قد بنوه باسمه، وجعلوا له الوقوف الكثيرة، من القرى والضياع، وله سدنة وقوام وحجبة، يأتون البيت ويصلون فيه لها ثلاث كرات فى اليوم. ويأتيه أصحاب العاهات، فيصومون لذلك الصنم ويصلون، ويدعون ويستسقون به، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت الفلك، ولهذا يقارنها الشيطان فى هذه الأوقات الثلاثة لتقع عبادتهم وسجودهم له. ولهذا نهى النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن تحرى الصلاة فى هذه الأوقات، قطعا لمشابهة الكفار ظاهرا، وسدا لذريعة الشرك، وعبادة الأصنام.

<<  <  ج: ص:  >  >>