للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وطائفة أخرى اتخذت للقمر صنما، وزعموا أنه يستحق التعظيم والعبادة، وإليه تدبير هذا العالم السفلى.

ومن شريعة عباده: أنهم اتخذوا له صنما على شكل عجل يجره أربعة، ويبد الصنم جوهرة، ويعبدونه، ويسجدون له ويصومون له أياما معلومة من كل شهر، ثم يأتون إليه بالطعام والشراب، والفرح والسرور، فإذا فرغوا من الأكل أخذوا فى الرقص والغناء وأصوات المعازف بين يديه.

ومنهم من يعبد أصناما اتخذوها على صورة الكواكب وروحانيتها بزعمهم، وبنوا لها هياكل، ومتعبدات، لكل كوكب منها هيكل يخصه، وصنم يخصه، وعبادة تخصه.

ومتى أردت الوقوف على هذا، فانظر فى كتاب "السر المكتوم فى مخاطبة النجوم" المتسوب إلى ابن خطيب الرَّى تعرف سر عبادة الأصنام، وكيفية تلك العبادة وشرائطها.

وكل هؤلاء مرجعهم إلى عبادة الأصنام، فإنهم لا تستمر لهم طريقة إلا بشخص خاص على شكل خاص، ينظرون إليه، ويعكفون عليه.

ومن هاهنا اتخذ أصحاب الروحانيات والكواكب أصناما، زعموا أنها على صورتها فوضع الصنم إنما كان الأصل على شلك معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته، ليكون نائبا، وقائما مقامه. وإلا فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده، ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده.

ومن أسباب عبادتها أيضاً: أن الشياطين تدخل فيها، وتخاطبهم منها وتخبرهم ببعض المغيبات، وتدلهم على بعض ما يخفى عليهم، وهم لا يشاهدون الشياطين، فجهلتهم وسقطهم يظنون أن الصنم نفسه هو المتكلم المخاطب، وعقلاؤهم يقولون: إن تلك روحانيات الأصنام، وبعضهم يقولون: إنها الملائكة وبعضهم يقول: إنها العقول المجردة. وبعضهم يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>