للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم يقين وقطع بأن الله سبحانه منزه عن النقائص والعيوب.

وأهل السنة يقولون: إن تنزيهه سبحانه عن العيوب والنقائص واجب لذاته، كما أن إثبات صفات الكمال والحمد واجب له لذاته، وهو أظهر فى العقول والفطر وجميع الكتب الإلهية وأقوال الرسل من كل شيء.

ومن العجب أن هؤلاء جاءوا إلى ما علم بالاضطرار أن الرسل جاءوا به، ووصفوا الله سبحانه به، ودلت عليه العقول والفطر والبراهين، فنفوه، وقالوا: إثباته يستلزم التجسيم والتشبيه، فلم يثبت لهم قدم البتة، فيما يثبتونه له سبحانه، وينفونه عنه. وجاءوا إلى ما علم بالاضطرار والفطر والعقول، وجميع الكتب الإلهية من تنزيه الله سبحانه عن كل نقص وعيب، فقالوا: ليس فى أدلة العقل ما ينفيه، وإنما ننفيه بما ننفى به التشبيه.

وليس فى الخذلان فوق هذا، بل إثبات هذه العيوب والنقائص يضاد كماله المقدس وهو سبحانه موصوف بما يضادها وينافيها من كل وجه، ونفيها أظهر وأبين فى العقول من نفى التشبيه، فلا يجوز أن يثبت له على وجه لا يشابه فيه خلقه.

والمقصود: أنه لم يكن فى الأمم من مثله بخلقه، وجعل المخلوق أصلا ثم شبهه به، وإنما كان التمثيل والتشبيه فى الأمم، حيث شبهوا أوثانهم ومعبوديهم به فى الإلهية، وهذا التشبيه هو أصل عبادة الأصنام، فأعرض عنه وعن بيان بطلانه أهل الكلام، صرفوا العناية إلى إنكار تشبيهه بالخلق الذى لم تعرف أمة من الأمم عليه، وبالغوا فيه حتى نفوا به عنه صفات الكمال.

ولهذا موضع مهم نافع جدا، به يعرف الفرق بين ما نزه الرب سبحانه نفسه عنه، وذم به المشركين المشبهين العادلين به خلقه، وبين ما ينفيه الجهمية المعطلة من صفات كماله، ويزعمون أن القرآن دل عليه وأريد به نفيه.

والقرآن مملوء من إبطال أن يكون فى المخلوقات ما يشبه الرب تعالى أو يماثله، فهذا هو الذى قصد بالقرآن، إبطالا لما عليه المشركون والمشبهون العادلون بالله تعالى غيره.

قال تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>