فقوله "من ولد" لا مفعول دونه سواه، ولو قال: ما كان لله أن يتخذ أحدا من ولد، لم يحسن فيه دخول "من" لأن فعل الاتخاذ مشغول بأحد.
وصحح آخرون هذه القراءة لفظا ومعنى، وأجروها على قواعد العربية.
قالوا وقد قرأ بها من لا يرتاب فى فصاحته. فقرأ بها زيد بن ثابت، وأبو الدرداء وأبو جعفر، ومجاهد، ونصر بن علقمة، ومكحول، وزيد بن على، وأبو رجاء، والحسن، وحفص بن حُميد، ومحمد بن على، على خلاف عن بعض هؤلاء ذكر ذلك أبو الفتح ابن جنى. ثم وجهها بأن يكون "من أولياء" فى موضع الحال: أى ما كان ينبغى لنا أن نتخذ من دونك أولياء. ودخلت "من" زائدة لمكان النفى. كقولك اتخذت زيدا وكيلا، فإذا نفيت قلت: ما اتخذت زيدا من وكيل. وكذلك أعطيته درهما وما أعطيته من درهم. وهذا فى المفعول فيه.
قلت: يعنى أن زيادتها مع الحال، كزيادتها مع المفعول.
ونظير ذلك أن تقول: ما ينبغى لى أن أخدمك متثاقلا، فإذا أكدت، قلت: من متثاقل.
فإن قيل: فقد صحت القراءتان لفظا ومعنى، فأيهما أحسن؟
قلت: قراءة الجمهور أحسن وأبلغ فى المعنى المقصود والبراءة مما لا يليق بهم، فإنهم على قراءة الضم: يكونون قد نفوا حسن اتخاذ المشركين لهم أولياء، وعلى قراءة الجمهور: يكونون قد أخبروا أنهم لا يليق بهم، ولا يحسن منهم أن يتخذوا وليا من دونه، بل أنت وحدك ولينا ومعبودنا، فإذا لم يحسن بنا أن نشرك بك شيئا، فكيف يليق بنا أن ندعو عبادك إلى أن يعبدونا من دونك؟ وهذا المعنى أجل من الأول وأكبر، فتأمله.
والمقصود: أنه على القراءتين: فهذا الجواب من الملائكة ومن عبد من دون الله من أوليائه. وأما كونه من الأصنام فليس بظاهر.
وقد يقال: إن الله سبحانه أنطقها بذلك، تكذيبا لهم، وردا عليهم، وبراءة منهم كقوله: