للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحكم الله سبحانه بين الفريقين بالحكم العدل الذى لا حكم أصح منه. فقال:

{الّذِينَ آمَنوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ - أى بشرك - أُولئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢] .

ولما نزلت هذه الآية شق أمرها على الصحابة، وقالوا: يا رسول الله "وأينُّا لم يظلم نفسه؟ فقال إنما هو الشرك: ألم تسمعوا قول العبد الصالح:

{إِنَّ الشِّركَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣] ".

فحكم سبحانه للموحدين بالهدى والأمن، وللمشركين بضد ذلك، وهو الضلال والخوف ثم قال:

{وَتِلكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبراهيم عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ٨٣] .

قال أبو محمد بن حَزْم: وكان الذى ينتحله الصابئون أقدم الأديان على وجْه الدهر والغالب على الدنيا، إلى أن أحدثوا الحوادث، وبدلوا شرائعه. فبعث الله إليهم إبراهيم خليله بدين الإسلام، الذى نحن عليه اليوم، وتصحيح ما أفسدوه، وبالحنيفية السمحة التى أتانا بها محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من عند الله تعالى. وكانوا فى ذلك الزمان وبعده يسمون الحنفاء.

قلت: هم قسمان: صابئة مشركون، وصابئة حنفاء وبينهم مناظرات. وقد حكى الشهرسْتانُّى بعض مناظراتهم فى كتابه.

فصل

فى ذكر تلاعبه بالدهرية

وهؤلاء قوم عطلوا المصنوعات عن صانعها، وقالوا ما حكاه الله عنهم.

{وَقَالُوا مَا هِى حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاّ الدَّهْرُ} [الجاثية: ٢٤] .

وهؤلاء فرقتان. فرقة قالت: إن الخالق سبحانه لما خلق الأفلاك متحركة أعظم حركة دارت عليه فأحرقته، ولم يقدر على ضبطها وإمساك حركاتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>