تعالى نبأه فى القرآن، بل بينهما قرون كثيرة، وبينهما فى الدين أعظم تباين. فذو القرنين كان رجلا صالحا موحدا لله تعالى، يؤمن بالله تعالى وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وكان يغزو عُبَّاد الأصنام، وبلغ مشارق الأرض ومغاربها، وبنى السد بين الناس وبين يأجوج ومأجوج. وأما هذا المقدونى فكان مشركا يعبد الأصنام هو وأهل مملكته. وكان بينه وبين المسيح نحو ألف سنة وستمائة سنة. والنصارى تؤرخ له. وكان إرسطاطاليس وزيره وكان مشركا يعبد الأصنام. وهو الذى غزا دارا بن دارا ملك الفرس فى عقر داره فثل عرشه، ومزق ملكه، وفرق جمعه، ثم دخل إلى الصين، والهند، وبلاد الترك، فقتل وسبى.
وكان لليونانيين فى دولته عز وسطوة بسبب وزيره إرسطو، فإنه كان مشيره ووزيره ومدبر مملكته.
وكان بعده لليونان عدة ملوك يعرفون بالبطالسة، وأحدهم بطليموس، كما إن كسرى ملك الفرس، وقيصر ملك الروم.
ثم غلبهم الروم واستولوا على ممالكهم، فصاروا رعية لهم، وانقرض ملكهم، فصارت المملكة للروم، وصارت المملكة واحدة. وهم على شركهم من عبادة الأصنام وهو دينهم الظاهر، ودين آبائهم، فنشأ فيهم سقراط أحد تلامذة فيثاغورس، وكان من عبادهم، ومتألهيهم، وجاهرهم بمخالفتهم فى عبادة الأصنام، وقابل رؤساءهم بالأدلة والحجج على بطلان عبادتها، فثار عليه العامة، واضطروا الملك إلى قتله، فأودعه السجن ليكفهم عنه، ثم لم يرض المشركون إلا بقتله، فسقاه السم خوفا من شرهم، بعد مناظرات طويلة جرت له معهم. ومذهبه فى الصفات قريبا من مذهب أهل الإثبات، فقال: إنه إله كل شيء وخالقه،