للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسبك عجبا من جهلهم، وضلالهم: ما قالوه فى سلسلة الموجودات، وصدور العالم عن العقول والنفوس، إلى أن أنهوا صدور ذلك إلى واحد من كل جهة، لا علم له بما صدر عنه ولا قدرة له عليه، ولا إرادة، وأنه لم يصدر عنه إلا واحد. فذلك الصادر إن كان فيه كثرة بوجه ما فقد بطل ما أصَّلوه، وإن لم يكن فيه كثرة البتة لزم أن لا يصدر عنه إلا واحد مثله، وتكثر الموجودات وتعددها يكذب هذا الرأى الذى هو ضحكة للعقلاء وسخرية لأولى الألباب، مع أن هذا كله من تخليط ابن سينا، وإرادته تقريب هذا المذهب من الشرائع، وهيهات. وإلا فالمعلم الأول لم يثبت صانعا للعالم البتة.

والرجل معطل مشرك، جاحد للنبوات والمعاد، لا مبدأ عنده ولا معاد، ولا رسول ولا كتاب والرازى وفروخه لا يعرفون مذهب الفلاسفة غير طريقه.

ومذاهبهم وآراؤهم كثيرة جدا، قد حكاها أصحاب المقالات، كالأشعرى فى مقالاته الكبيرة، وأبى عيسى الوراق، والحسن بن موسى النوبختى.

وأبو الوليد بن رشد يحكى مذهب إرسطو غير ما حكاه ابن سينا، ويغلطه فى كثير من المواضع. وكذلك أبو البركات البغدادى يحكى نفس كلامه على غير ما يحكيه ابن سينا.

فصل

والفلاسفة لا تختص بأمة من الأمم، بل هم موجودون فى سائر الأمم، وإن كان المعروف عند الناس الذين اعتنوا بحكاية مقالاتهم: هم فلاسفة اليونان. فهم طائفة من طوائف الفلاسفة، وهؤلاء أمة من الأمم، لهم مملكة وملوك، وعلماؤهم فلاسفتهم، ومن ملوكهم الإسكندر المقدونى. وهو ابن فيلبس. وليس هو بالإسكندر ذى القرنين الذى قص الله

<<  <  ج: ص:  >  >>