فوق سماواته على عرشه، وأن يكون كلم عبده موسى تكليما، وكذب موسى فى ذلك، وطلب من وزيره هامان أن يبنى له صرحا ليطلع - بزعمه - إلى إله موسى عليه السلام وكذبه فى ذلك، فاقتدى به كل جهمى. فكذب أن يكون الله مكلما متكلما، أو أن يكون فوق سماواته على عرشه بائنا من خلقه، على العرش استوى، ودرج قومه وأصحابه على ذلك، حتى أهلكهم الله تعالى بالغرق، وجعلهم عبرة لعباده المؤمنين، ونكالا لأعدائه المعطلين.
ثم استمر الأمر على عهد نبوة موسى كليم الرحمن، على التوحيد وإثبات الصفات، وتكليم الله لعبده موسى تكليما، إلى أن توفى موسى عليه السلام، ودخل الداخل على بنى إسرائيل، ورفع التعطيل رأسه بينهم، وأقبلوا على عموم المعطلة، أعداء موسى عليه السلام، وقدموها على نصوص التوراة، فسلط الله تعالى عليهم من أزال ملكهم وشردهم من أوطانهم، وسبى ذراريهم، كما هى عادته سبحانه وسنته فى عباده إذا أعرضوا عن الوحى، وتعوضوا عنه بكلام الملاحدة والمعطلة من الفلاسفة وغيرهم، كما سلط النصارى على بلاد العرب لما ظهرت فيها الفلسفة والمنطق، واشتغلوا بها، فاستولت النصارى على أكثر بلادهم، وأصاروهم رعية لهم، وكذلك لما ظهر ذلك ببلاد المشرق، سلط عليهم عساكر التتار، فأبادوا أكثر البلاد الشرقية، واستولوا عليها. وكذلك فى أواخر المائة الثالثة، وأول الرابعة، لما اشتغل أهل العراق بالفلسفة وعلوم أهل الإلحاد سلط عليهم القرامطة الباطنية، فكسروا عسكر الخليفة عده مرات واستولوا على الحاج، واستعرضوهم قتلا وأسرا، واشتدت شوكتهم، واتهم بموافقتهم فى الباطن كثير من الأعيان، من الوزراء والكتاب، والأدباء وغيرهم، واستولى أهل دعوتهم على بلاد المعرب، واستقرت دار مملكتهم بمصر، وبنيت فى أيامهم القاهرة، واستولوا