فقد بان لكل ذى عقل أن الشيطان تلاعب بهذه الأمة الضالة كل التلاعب، ودعاهم فأجابوه، واستخفهم فأطاعوه.
فتلاعب بهم فى شأن المعبود سبحانه وتعالى.
وتلاعب بهم فى أمر المسيح.
وتلاعب بهم فى شأن الصليب وعبادته.
وتلاعب بهم فى تصوير الصور فى الكنائس وعبادتها. فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح، وجرجس، وبطرس، وغيرهم من القديسين عندهم، والشهداء وأكثرهم يسجدون للصور، ويدعونها من دون الله تعالى.
حتى لقد كتب بطريق الإسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور: بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور فى قُبَّة الزمان صورة الساروس، وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب، ونصبها داخل الهيكل.
ثم قال فى كتابه: وإنما هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا، فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه، ويقوم له، لا تعظيما للقرطاس والمداد، بل تعظيما للملك، كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور، لا للأصباغ والألوان.
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام.
وما ذكره هذا المشرك عن موسى وسليمان عليهما السلام لو صح لم يكن فيه دليل على السجود للصور. وغايته: أن يكون بمثابة ما يذكر عن داود: أنه نقش خطيئته فى كفه كيلا ينساها. فأين هذا مما يفعله هؤلاء المشركون: من التذلل، والخضوع والسجود بين يدى تلك الصور؟.
وإنما المثال المطابق لما يفعله هؤلاء المشركون مثال خادم من خدام الملك دخل على رجل. فوثب الرجل من مجلسه، وسجد له، وعبده، وفعل به ما لا يصلح أن يفعل إلا مع الملك.