للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبطل الذبائح، فامتنعوا عليه، فاحتال عليهم، وقال: إن هذا الصنم لا ينفع ولا يضر فلو جعلتم هذا العيد لميكائيل ملك الله تعالى وجعلتم هذه الذبائح له كان يشفع لكم عند الله وكان خيرا لكم من هذا الصنم. فأجابوه إلى ذلك، فكسر الصنم، وصيره صلبانا، وسمى الكنيسة كنيسة ميكائيل. وسماها قيسارية، ثم احترقت الكنيسة وخربت، وصيروا العيد والذبائح لميكائيل.

فنقلهم من كفر إلى كفر، ومن شرك إلى شرك.

فكانوا فى ذلك كمجوسى أسلم، فصار رافضيا. فدخل الناس عليه يهنئونه، فدخل عليه رجل وقال: إنك إنما انتقلت من زاوية من النار إلى زاوية أخرى.

ومن ذلك عيد الصليب. وهو مما اختلقوه وابتدعوه. فإن ظهور الصليب إنما كان بعد المسيح بزمن كثير.

وكان الذى أظهره - زورا وكذبا - أخبرهم به بعض اليهود أن هذا هو الصليب الذى صلب عليه إلههم وربهم. فانظر إلى هذا السند، وهذا الخبر، فاتخذوا ذلك الوقت الذى ظهر فيه عيدا، وسموه عيد الصليب، ولو أنهم فعلوا كما فعل أشباههم من الرافضة، حيث اتخذوا وقت قتل الحسين رضى الله عنه مأتما وحزنا لكان أقرب إلى العقول.

وكان من حديث الصليب: أنه لما صلب المسيح - على زعمهم الكاذب - وقتل ودفن رفع من القبر إلى السماء وكان التلاميذ كل يوم يصيرون إلى القبر إلى موضع الصلب ويصلون. فقالت اليهود: إن هذا الموضع لا يخفى، وسيكون له نبأ. وإذا رأى الناس القبر خاليا آمنوا به، فطرحوا عليه التراب والزبل، حتى صار مزبلة عظيمة. فلما كان فى أيام قسطنطين الملك، جاءت زوجته إلى بيت المقدس، تطلب الصليب، فجمعت من اليهود والسكان ببيت المقدس وجبل الخليل مائة رجل، واختارت منهم عشرة، واختارت من العشرة ثلاثة، اسم أحدهما يهوذا، فسألتهم أن يدلوها على الموضع، فامتنعوا وقالوا: لا علم لنا بالموضع،

<<  <  ج: ص:  >  >>