ولما علمت الرهبان والمطارنة والأساقفة: أن مثل هذا الدين تنفر عنه العقول أعظم نفرة، شدوه بالحيل والصور فى الحيطان، بالذهب واللازورد والزنجفر وبالأرغل وبالأعياد المحدثة، ونحو ذلك مما يروج على السفهاء وضعفاء العقول البصائر، وساعدهم ما عليه اليهود من القسوة، والغلظة والمكر والكذب والبهت، وما عليه كثير من المسلمين من الظلم، والفواحش، والفجور، والبدعة، والغلو فى المخلوق، حتى يتخذه إلها من دون الله، واعتقاد كثير من الجهال أن هؤلاء من خواص المسلمين وصالحيهم، فتركب من هذا وأمثاله تمسك القوم بما هم فيه، ورؤيتهم أنه خير من كثير مما عليه المنتسبون إلى الإسلام من البدع والفجور، والشرك، والفواحش.
ولهذا لما رأى النصارى الصحابة وما هم عليه آمن أكثرهم اختيارا وطوعا. وقالوا: ما الذين صحبوا المسيح بأفضل من هؤلاء.
ولقد دعونا نحن وغيرنا كثيرا من أهل الكتاب إلى الإسلام، فأخبروا أن المانع لهم ما يرون عليه المنتسبين إلى الإسلام، ممن يعظمهم الجهال: من البدع والظلم، والفجور والمكر والاحتيال، ونسبة ذلك إلى الشرع ولمن جاء به. فساء ظنهم بالشرع وبمن جاء به.
فالله طليب قطاع طريق الله، وحسيبهم.
فهذه إشارة يسيرة جدا إلى تلاعب الشيطان بعبَّاد الصليب، تدل على ما بعدها. والله الهادى الموفق.
فصل: فى ذكر تلاعبه بالأمة الغضبية وهم اليهود
قال الله تعالى فى حقهم: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بَمَا أَنْزَلَ