يعنى من بعد ذهابه إلى ربه، وليس المراد من بعد موته.
{وَأَنْتُمْ ظَالُمِونَ}[البقرة: ٥١] .
أى بعبادة غير الله تعالى، لأن الشرك أظلم الظلم، لأن المشرك وضع العبادة فى غير موضعها.
فلما قدم موسى عليه السلام ورأى ما أصاب قومه من الفتنة اشتد غضبه، وألقى الألواح عن رأسه، وفيها كلام الله الذى كتبه له، وأخذ برأس أخيه ولحيته، ولم يعتب الله عليه فى ذلك، لأنه حمله عليه الغضب لله. وكان الله عز وجل قد أعلمه بفتنة قومه، ولكن لما رأى الحال مشاهدة حدث له غضب آخر، فإنه ليس الخبر كالمعاينة.
فصل
ومن تلاعب الشيطان بهذه الأمة فى حياة نبيهم أيضا:
ما قصه الله تعالى فى كتابه حيث يقول:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَة}[البقرة: ٥٥][أى عيانا] .
قال ابن جرير: ذكرهم الله سبحانه بذلك اختلاف آبائهم، وسوء استقامة أسلافهم لأنبيائهم، مع كثرة معاينتهم من آيات الله ما يثلج بأقلها الصدور، وتطمئن بالتصديق معها النفوس. وذلك مع تتابع الحجج عليهم، وسبوغ النعم من الله تعالى لديهم. وهم مع ذلك مرة يسألون نبيهم أن يجعل لهم إلها غير الله، ومرة يعبدون العجل من دون الله، ومرة يقولون: لا نصدقك حتى نرى الله جهرة، وأخرى يقولون له إذا دعوا إلى القتال.
{اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا ههُنَا قَاعِدْونَ}[المائدة: ٢٤] ومرة يقال لهم {قُولوا حطّةٌ