فيقولون "حبة فى شعيرة" ويدخلون من قِبَل أستاههم. ومرة يعرض عليهم العمل بالتوراة، فيمتنعون من ذلك، حتى نتق الله تعالى عليهم الجبل كأنه ظلة، إلى غير ذلك من أفعالهم، التى آذوا بها نبيهم، التى يكثر إحصاؤها. فأعلم ربنا تبارك وتعالى الذين خاطبهم بهذه الآيات من يهود بنى إسرائيل، الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم لن يعدوا أن يكونوا فى تكذيبهم محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم وجحودهم نبوته، وتركهم الإقرار به وبما جاء به، مع علمهم به ومعرفتهم بحقيقة أمره كأسلافهم، وآبائهم الذين قص الله علينا قصصهم.
وقال محمد بن إسحق: لما رجع موسى إلى قومه، فرأى ما هم فيه من عبادة العجل، وقال لأخيه وللسامرى ما قال، وحرق العجل وذراه فى اليمْ، اختار موسى منهم سبعين رجلا، الخيِّر فالخير، وقال: انطلقوا إلى الله عز وجل، فتوبوا إلى الله مما صنعتم، واسألوه التوبة على من تركتم وراءكم من قوكم، فصوموا وتطهروا، وطهروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه، فقال له السبعون - فيما ذكر لى - حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا للقاء الله: يا موسى اطلب لنا إلى ربك أن نسمع كلام ربنا، فقال: أفعل، فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه الغمام، حتى تغشى الجبل كله، ودنا موسى فأدخل فيه وقال للقوم: ادنوا وكان موسى عليه السلام إذا كلمه ربه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بنى آدم أن ينظر إليه. فضرب دونه بالحجاب، ودنا القوم، حتى إذا دخلوا فى الغمام وقعوا سجودا، فسمعوه تعالى وهو يكلم نبيه موسى، يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل. فلما فرغ الله من أمره انكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم، فقالوا لموسى عليه السلام: