وإنما كان إهلاكهم بقولهم:{أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً}[البقرة: ٥٥] ثم قال {إِنّ هِى إِلا فِتْنَتُكَ}[الأعراف: ١٥٥] .
وهذا من تمام الاستعطاف، أى ما هى إلا ابتلاؤك واختبارك لعبادك. فأنت ابتليتهم وامتحنتهم، فالأمر كله لك وبيدك، لا يكشفه إلا أنت، كما لم يمتحن به ويختبر به إلا أنت. فنحن عائذون بك منك. ولاجئون منك إليك.
فصل
ومن تلاعب الشيطان بهذه الأمة وكيده لهم: أنهم قيل لهم، وهم مع نبيهم، والوحى ينزل عليه من الله تعالى:{ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ}[البقرة: ٥٨] .
قال قتادة، وابن زيد، والسدى، وابن جرير وغيرهم: هى قرية بيت المقدس:
قال السدى: هو باب من أبواب بيت المقدس. وكذلك قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما، قال: والسجود بمعنى الركوع. وأصل السجود: الانحناء لمن تعظمه. فكل منحن لشيء تعظيما له فهو ساجد، قاله ابن جرير وغيره.
قلت: وعلى هذا فانحناء المتلاقيين عند السلام، أحدهما لصاحبه من السجود المحرم، وفيه نهى صريح عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
ثم قيل لهم {قُولُوا حِطَّةٌ}[البقرة: ٥٨] .
أى حط عنا خطايانا. هذا قول الحسن، وقتادة، وعطاء.
وقال عكرمة وغيره: أى قولوا: "لا إله إلا الله" وكأن أصحاب هذا القول اعتبروا الكلمة التى تحط بها الخطايا، وهى كلمة التوحيد.