ومن تلاعبه بهم: أنهم لما عرضت عليهم التوراة لم يقبلوها، وقد شاهدوا من الآيات ما شاهدوه، حتى أمر الله سبحانه جبريل، فقلع جبلا من أصله على قدرهم. ثم رفعه فوق رؤوسهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوها ألقيناه عليكم، فقبلوها كرها. قال الله تعالى:
قال عبد الله بن وهب قال ابن زيد: لما رجع موسى من عند ربه بالألواح، قال لبنى إسرائيل: إن هذه الألواح فيها كتاب الله، وأمره الذى أمركم به، ونهيه الذى نهاكم عنه. فقالوا: ومن يأخذ بقولك أنت؟ لا والله، حتى نرى الله جهرة، حتى يطلع الله إلينا، فيقول: هذا كتابى فخذوه. فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى، فيقول: هذا كتابى فخذوه؟ فجاءت غضبة من الله تعالى. فجاءتهم صاعقة فصعقتهم فماتوا أجمعون. قال: ثم أحياهم الله تعالى بعد موتهم. فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله. فقالوا: لا. فقال: أى شيء أصابكم؟ قالوا: متنا ثم حيينا. فقال: خذوا كتاب الله. قالوا: لا. قال: فبعث الله ملائكته فنتقت الجبل فوقهم، فقيل لهم: أتعرفون هذا؟ قالوا: نعم، الطور. قال: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم. قال: فأخذوه بالميثاق.
وقال السدى: لما قال الله تعالى لهم: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ}[البقرة: ٥٨] .
فأبوا أن يسجدوا، فأمر الله الجبل أن يرتفع فوق رؤوسهم، فنظروا إليه وقد غشيهم، فسقطوا سجدا على شق، ونظروا بالشق الآخر فكشفه عنهم، ثم تولوا من بعد هذه الآيات وأعرضوا،