ومن تلاعبهم بهم: أن الله سبحانه أنجاهم من فرعون وسلطانه وظلمه، وفرق بهم البحر، وأراهم الآيات والعجائب، ونصرهم وآواهم وأعزهم، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين.
ثم أمرهم أن يدخلوا القرية التى كتب الله لهم وفى ضمن هذا بشارتهم بأنهم منصورون ومفتوح لهم. وأن تلك القرية لهم. فأبوا طاعته وامتثال أمره، وقابلوا هذا الأمر والبشارة، بقولهم:{اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا ههُنَا قاعِدُونَ}[المائدة: ٢٤] .
وتأمل: تلطف نبى الله تعالى موسى عليه السلام بهم، وحسن خطابه لهم، وتذكيرهم بنعم الله عليهم، وبشارتهم بوعد الله لهم: بأن القرية مكتوبة لهم، ونهيهم عن معصيته بارتدادهم على أدبارهم، وأنهم إن عصوا أمره، ولم يمتثلوا انقلبوا خاسرين.
فجمع لهم بين الأمر والنهى، والبشارة والنذارة، والترغيب والترهيب، والتذكير بالنعم السالفة. فقابلوه أقبح المقابلة. فعارضوا أمر الله تعالى بقولهم:{يَا مُوسَى إنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ}[المائدة: ٢٢] .
فلم يوقروا رسول الله وكليمه، حتى نادوه باسمه، ولم يقولوا: يا نبى الله. وقالوا:"إن فيها قوما جبارين" ونسوا قدرة جبار السماوات والأرض الذى يذل الجبابرة لأهل طاعته. وكان خوفهم من أولئك الجبارين - الذين نواصيهم بيد الله- أعظم من خوفهم من الجبار الأعلى سبحانه وكانوا أشد رهبة فى صدورهم منه.
ثم صرحوا بالمعصية والامتناع من الطاعة. فقالوا:{إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مٍنْهَا}[المائدة: ٢٢] .