ويحكم ما يريد، وجعلوا هذه الشبهة الشيطانية ترساً لهم فى جحد نبوة رسول الله محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. وقرروا ذلك بأن النسخ يستلزم البداء وهو على الله تعالى محال.
وقد أكذبهم الله سبحانه فى نص التوراة، كما أكذبهم فى القرآن. قال الله تعالى:
فتضمنت هذه الآيات بيان كذبهم صريحا فى إبطال النسخ، فإنه سبحانه وتعالى أخبر أن الطعام كله كان حلالا لبنى إسرائيل، قبل نزول التوراة، سوى ما حرم إسرائيل على نفسه منه.
ومعلوم أن بنى إسرائيل كانوا على شريعة أبيهم إسرائيل وملته، وأن الذى كان لهم حلالا إنما هو بإحلال الله تعالى له على لسان إسرائيل والأنبياء بعده إلى حين نزول التوراة ثم جاءت التوراة بتحريم كثير من المآكل عليهم، التى كانت حلالا لبنى إسرائيل، وهذا محض النسخ.
أى كان حلالا لهم قبل نزول التوراة، وهم يعلمون ذلك.
ثم قال تعالى:{قُلْ فَأتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران: ٩٣] .
هل تجدون فيها أن إسرائيل حرم على نفسه ما حرمته التوراة عليكم؟ أم تجدون فيها تحريم ما خصه بالتحريم؟ وهى لحوم الإبل وألبانها خاصة. وإذا كان إنما حرم هذا وحده، وكان ما سواه حلالا له ولبنيه، وقد حرمت التوراة كثيرا منه، ظهر كذبكم وافتراؤكم فى إنكار نسخ الشرائع، والحجر على الله تعالى فى نسخها.
فتأمل هذا الموضع الشريف الذى حام حوله أكثر المفسرين، وما وردوه.
وهذا أولى من احتجاج كثير من أهل الكلام عليهم بأن التوراة حرمت أشياء كثيرة