ما يشاء كما أنه يمحو من أحكامه القدرية الكونية ما يشاء، ويثبت فهكذا أحكامه الدينية الأمرية، ينسخ منها ما يشاء، ويثبت منها ما يشاء.
فمن أكفر الكفر وأظلم الظلم: أن يعارَض الرسول الذى جاء بالبينات والهدى وتدفع نبوته، وتجحد رسالته: بكونه أتى بإباحة بعض ما كان محرما على من قبله، أو تحريم بعض ما كان مباحا لهم. وبالله التوفيق، يضل من يشاء ويهدى من يشاء.
ومن العجب أن هذه الأمة الغضبية تحجر على الله تعالى أن ينسخ ما يشاء من شرائعه، وقد تركوا شريعة موسى عليه السلام فى أكثر ما هم عليه، وتمسكوا بما شرعه لهم أحبارهم وعلماؤهم.
فمن ذلك: أنهم يقولون فى صلاتهم ما ترجمته هكذا "اللهم اضرب ببوق عظيم لفيفنا واقبضنا جميعا من أربعة أقطار الأرض إلى قدسك، سبحانك يا جامع شتات قوم إسرائيل".
ويقولون كل يوم ما ترجمته هكذا "أردد حكامنا كالأولين، ومسراتنا كالابتداء وابْنِ أورشليم قرية قدسك فى أيامنا، وأعزنا بابتنائها، سبحانك يا بانى يورشليم".
فهذا قولهم فى صلاتهم، مع علمهم بأن موسى وهارون عليهما السلام لم يقولا شيئا من ذلك. ولكنها فصول لفقوها بعد زوال دولتهم.
وكذلك صيامهم، كصوم إحراق بيت المقدس، وصوم حصا، وصوم كدليا التى جعلوها فرضا لم يصمها موسى، ولا يوشع بن نون. وكذلك صوم صَلْبِ هامان، ليس شيء من ذلك فى التوراة، وإنما وضعوها لأسباب اقتضت وضعها عندهم.
هذا. مع أنه فى التوراة ما ترجمته "لا تزيدوا على الأمر الذى أنا موصيكم به شيئا، ولا تنقصوا منه شيئا".
وقد تضمنت التوراة أوامر كثيرة جدا، هم مجمعون على تعطليها وإلغائها فإما أن تكون منسوخة بنصوص أخرى من التوراة أو بنقل صحيح عن موسى عليه السلام، أو باجتهاد