للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تدرج التفسير بتدرج الحياة, فبدأ قليلًا موقوفًا على المنقول بسنده، ثم حذف السند بدعوى الاختصار ودخل الدخيل، وطعن الناس في المنقول، وانطلق العقل من عقاله يشكك ويفند ويستنتج؛ حتى عد من لا علم له التفسير بالرأي مقابلًا للتفسير المأثور، وضاق البعض ذرعًا بالمعقول وتهوره، كما ضاقوا بالمنقول وتضاربه.

والحق أن الإحجام عن التفسير تورعًا مغالاة تنافي التدبر، وأن تطويع الآيات للهوى إسراف ينافي التفكير.

ولا بد للباحث من مطالعة حبل الأفكار؛ ليحظى بأكبر قدر من الأسرار.

ومن المفسرين من شحن تفسيره بقواعد العلوم؛ كالطب والهيئة والطبيعة وغيرها، ورجع بكل ذلك إلى نصوص قرآنية، وتلك المحاولات وإن بدت منها فوائد ففيها أضرار؛ إذ تلك العلوم لا تعرف الكلمة الأخيرة، فهي متطورة بتطور أصحابها.

ويكفي القرآن أنه ليس فيه نص يعارض حقيقة علمية؛ بل يدعو إلى السير والنظر وارتقاب النتائج {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} وقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} إن أريد به القرآن، فالمراد كليات المسائل. والصواب: أنه اللوح المحفوظ؛ كقوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} وقوله سبحانه: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} .

<<  <   >  >>