للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك أيضًا -فيما راعى المعرب وجهًا صحيحًا، وإغفاله ما تقضيه الصناعة- تعليقه "الباء" بناظرة من قوله تعالى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} .

فتعلق حرف الجر بما قبله سائغ، إلا أن الاستفهام له الصدارة، و"ما" استفهامية..

والصواب: أنه متعلق بيرجع.

وكذا قوله: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} .. جعله بعضهم حالًا من معمول "ثقفوا"..

والصواب: أنه منصوب على الذم؛ لأن معمول الشرط لا يتقدم على أداة الشرط؛ إذ الأداة لها الصدارة كالاستفهام.

وبعدما يجب على المعرب: فهم المعنى ومراعاة الصناعة، يجب أن يكون ملمًّا بقدر كافٍ من العربية؛ حتى لا يقع فيما وقع فيه من جعل "الكاف" للقسم في قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} .

وتوهم حذف أول التاءين من الفعل الماضي في قوله: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} .

ومن المعلوم أن "الكاف" ليست من أحرف القسم، ولا تحذف إحدى التاءين إلا في أول المضارع.

وعلى المعرب أن يتجنب الأمور البعيدة والأوجه الضعيفة واللغات الشاذة، ويخرج على القريب الفصيح القوي.. فإن لم يظهر فيه إلا الوجه البعيد فهو معذور.

ولذلك أخطأ من وقف على "جناح" من قوله: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ} ثم ابتدأ بقوله: {عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ} .. وجعل {أَنْ يَطَّوَّفَ} منصوبًا على الإغراء بقوله: {عَلَيْهِ} .

<<  <   >  >>