وفي معنى الإزالة ورد قوله:{فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} .
وإذا كان النسخ يرد في اللغة بمعنى الإثبات، فهل يعنى ذلك إثبات المنقول بلفظه ومعناه، أو أنه يكفي في الإثبات تحويله من موضع إلى موضع؛ كنسخ المواريث إذا حولت من شخص إلى شخص، أو يكفي في الإثبات أن تنقل المعنى ولو بلفظ آخر ويسمى ذلك تبديلًا؟
وعلى أي حال، فإن في النسخ معنى الإزالة بالنسبة للمنسوخ، ومعنى الإثبات بالنسبة للناسخ.
٢- الحكمة من وجود النسخ التيسير على الأمة؛ فإن أحكام الله أدوية تتداوى بها، وما ينفع المريض اليوم قد لا ينفعه غدًا.
ومن هنا ينفصل النسخ عن البداء؛ وهو الظهور بعد الخفاء.
ولما توهم اليهود أن النسخ براء أنكروه وقالوا: البداء محال على الله؛ لأنه لا يخفى عليه شيء.. ونحن نسلم لهم استحالة البدء عليه؛ ولكن إذا علم الطبيب أن الدواء يصلح أيامًا وسوف يغيره، فأي بداء في هذا؟
٣- اختلف العلماء: هل ينسخ القرآن بغير القرآن؛ كالسنة مثلًا؟
منع ذلك قوم وقالوا: لا ينسخ القرآن إلا القرآن؛ لأن الله قال:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ، والسنة ليست خيرًا من القرآن ولا مِثْلًا له.
وقال المجيزون: السنة ما دامت من عند الله جاز النسخ بها للقرآن؛ لأنها وحي يُوحى، والمثلية والخيرية بالنسبة للمكلف ورعاية مصلحته.
والذى أميل إليه جواز نسخ كل منهما بالآخر.. لكن لا بد من معضد للناسخ من نوع المنسوخ. فإذا نسخت السنة القرآن، فلا بد من معضد لها من القرآن. وإذا نسخ القرآن السنة، فلا بد من معضد له من السنة.