للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كذاك" يجوز الفك والإدغام فيما اجتمع فيه تاآن إما في أوله أو وسطه "نحو تتجلى واستتر" أما الأول فقال في شرح الكافية: إذا أدغمت فيما اجتمع في أوله تاآن زدت همزة وصل تتوصل بها إلى النطق بالتاء المسكنة للإدغام، فقلت في تتجلى. اتجلى، هذا كلامه، وفيه نظر؛ لأن تتجلى فعل مضارع، واجتلاب همزة الوصل لا يكون في المضارع، والذي ذكره غيره من النحاة أن الفعل المفتتح بتاءين إن كان ماضيا، نحو: تتبع وتتابع جاز فيه الإدغام واحتلاب همزة الوصل، فيقال: اتبع واتابع، وإن كان مضارعا، نحو: تتذكر لم يجز فيه الإدغام إن ابتدى به؛ لما يلزم من اجتلاب همزة الوصل وهي لا تكون في المضارع، بل يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءين، وسيأتي في كلامه، وإن وصل بما قبله جاز إدغامه بعد متحرك أولين، نحو: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} ١، {وَلا تَيَمَّمُوا} ٢ لعدم الاحتياج في ذلك إلى اجتلاب همزة الوصل.

وأما الثاني – وهو استتر ونحوه من كل فعل على افتعل اجتمع فيه تاآن – فهذا تجوز فيه الفك وهو قياسه؛ لبناء ما قبل المثلين على السكون، ويجوز فيه الإدغام بعد نقل حركة أول المثلين إلى الساكن، فتقول ستر بطرح همزة الوصل من أوله لتحرك الساكن بحركة النقل.

تنبيهات: الأول إذا أوثر الإدغام في استتر صار اللفظ به كاللفظ بستر الذي وزنه فعل بتضعيف العين، ولكن يمتازان بالمضارع والمصدر؛ لأنك تقول في مضارع الذي أصله افتعل يستر بفتح أوله وأصله يستتر، فنقل وأدغم، وتقول في مضارع الذي وزنه فعل يستر بضم أوله، وتقول في مصدر الذي أصله افتعل: ستارا، وأصله استتارا، فلما أريد الإدغام نقلت الحركة فطرحت الهمزة، وتقول في مصدر الذي وزنه فعل تستيرا على وزن تفعيل.

الثاني: يجوز في استتر ونحوه إذا أدغم وجه آخر، وهو أن يقال ستر بكسر فائه، وذلك أن الفاء ساكنة، وحين قصد الإدغام سكنت التاء الأولى، فالتقى ساكنان، فكسر أولهما على أصل التقاء الساكنين، ويجوز على هذه اللغة كسر التاء إتباعا لفاء الكلمة، فتقول فعل، والمضارع واسم الفاعل واسم المفعول مبنية على ذلك، إلا أن اسم الفاعل يشتبه بلفظ اسم المفعول على لغة من كسر التاء إتباعا، فيصير مشتركا كمختار، فيحتاج إلى قرينة.


١ الملك: ٨.
٢ البقرة: ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>