للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: ما ذكره في هذا البيت كالمستثنى من الضابط المتقدم، انتهى.

٩٩٥-

وَمَا بِتَاءَيْن ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ ... فِيْهِ عَلَى تَا كَتَبَيَّنُ الْعِبَرْ

الأصل تتبين، بتاءين: الأولى تاء المضارعة، والثانية تاء تفعل، وعلى الحذف أنه لما ثقل عليهم اجتماع المثلين، ولم يكن سبيل إلى الإدغام لما يؤدي إليه من اجتلاب همزة الوصل، وهي لا تكون في المضارع، عدلوا إلى التخفيف بحذف إحدى التاءين، وهذا الحذف كثير جدا، ومنه في القرآن مواضع كثيرة، نحو: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} ١ {لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} ٢ {نَارًا تَلَظَّى} ٣.

تنبيهات: الأول: مذهب سيبويه والبصريين أن المحذوف هو التاء الثانية؛ لأن الاستثقال بها حصل، وقد حصل بذلك في شرح الكافية، وقال في التسهيل: والمحذوفة هي الثانية لا الأولى خلافا لهشام، يعني أن مذهب هشام أن المحذوفة هي الأولى، ونقله غيره عن الكوفيين.

وأشار: قد أرشد بالمثال إلى أن هذا إنما هو في المضارع الواقع في الابتداء؛ لأنه الذي يتعذر فيه الإدغام، وأما الماضي –نحو تتابع- فلا يتعذر فيه الإدغام، وكذا المضارع الواقع في الأصل كما سبق بيانه.

الثالث: قال في شرح الكافية: وقد يفعل ذلك _يعني التخفيف بالحذف- بما تصدر فيه نونان، ومن ذلك ما حكاه أبو الفتح من قراءة بعضهم: "وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا"٤، وفي هذه القراءة دليل على أن المحذوفة من تاءي "تتنزل" حين قال {تَنَزَّل} ٥ إنما هي الثانية؛ لأن المحذوفة من نوني "نزل" في القراءة المذكورة إنما هي الثانية، هذا كلامه. قال الشارح: ومنه على الأظهر قوله تعالى: "كَذَلِكَ نُجِّي الْمُؤْمِنِينَ"٦ في قراءة عاصم، أصله ننجي؛ ولذلك سكن آخره، ا. هـ.


١ القدر: ٤.
٢ هود: ١٠٥.
٣ الليل: ١٤.
٤ الفرقان: ٢٥.
٥ الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢؛ والقدر: ٤.
٦ الأنبياء: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>