للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول عند جعلهما اسما واحدا: "ماذا صنعت؟ أخيرا أم شرا"، "ومن ذا أكرمت أزيدا أم عمرا؟ " بالنصب على البدلية من "ماذا" أو "من ذا"؛ لأنه منصوب بالمفعولية مقدما، وكذا تفعل في الجواب، نحو: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} ١؛ قرأ أبو عمرو برفع "العفو" على جعل "ذا" موصولا، والباقون بالنصب على جعلها ملغاة، كما في قوله تعالى: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} ٢ فإن لم يتقدم على ذا "ما" و"من" الاستفهاميتان لم يجز أن تكون موصولة، وأجازه الكوفيون٣، تمسكا بقوله "من الطويل":

١٠٤-

عَدَسْ مِا لِعَبَّادٍ عَلَيْك إمَارَةٌ ... نَجَوْتِ وَهَذَا تَحْمِلينَ طليقُ

وخرج على أن "هذا طليق" جملة اسمية، و"تحملين" حال، أي: وهذا طليق محمولا.


١ البقرة: ٢١٩.
٢ النحل: ٣٠.
٣ انظر المسألة الثالثة بعد المئة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص٧١٧-٧٢٢.
١٠٤- التخريج: البيت ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص١٧٠؛ وأدب الكاتب ص٤١٧؛ والإنصاف ٢/ ٧١٧؛ وتخليص الشواهد ص١٥٠؛ وتذكرة النحاة ص٢٠؛ وجمهرة اللغة ص٦٤٥؛ وخزانة الأدب ٦/ ٤١، ٤٢، ٤٨؛ والدرر ١/ ٢٦٩؛ وشرح التصريح ١/ ١٣٩، ٣٨١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٥٩؛ وشرح المفصل ٤/ ٧٩؛ والشعر والشعراء ١/ ٣٧١؛ ولسان العرب ٦/ ٤٧ "حدس"، ٦/ ١٣٣ "عدس"؛ والمقاصد النحوية ١/ ٤٤٢، ٣/ ٢١٦؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص٣٦٢، ٤٤٧؛ وأوضح المسالك ١/ ١٦٢؛ وخزانة الأدب ٤/ ٣٣٣، ٦/ ٣٨٨؛ وشرح قطر الندى ص١٠٦؛ وشرح المفصل ٢/ ١٦، ٤/ ٢٣؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٦٠ "ذوا"؛ والمحتسب ٢/ ٩٤؛ ومغني اللبيب ٢/ ٤٦٢؛ وهمع الهوامع ١/ ٨٤.
اللغة والمعنى: عدس: اسم صوت لزجر البغل. عباد: هو عباد بن زياد والي سجستان لمعاوية. يقول مخاطبا بغلته: إن عبادا لم يعد له سلطة عليك وأنت تحملين رجلا طليقا بعد أن أفرج عنه.
الإعراب: عدس: اسم صوت مبني على السكون لا محل له من الإعراب، أو منادى إذا كان المقصود "البغلة": ما: حرف نفي. لعباد: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. عليك: جار ومجرور متعلقان بـ"إمارة". إمارة: مبتدأ مؤخر مرفوع. نجوت: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: فاعل. وهذا: الواو: حالية. هذا: الهاء: للتنبيه، وذا: اسم موصول في محل رفع مبتدأ. تحملين: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والياء: فاعل. طليق: خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة "ما لعباد ... " الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية أو استئنافية. وجملة "نجوت" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية. وجملة "هذا تحملين ... " الاسمية في محل نصب حال. وجملة "تحملين ... " الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول.
والشاهد فيه قوله: "وهذا تحملين طليق"، فإن الكوفيين ذهبوا إلى أن "ذا" اسم موصول وقع مبتدأ، ولم يمنعهم اتصال حرف التنبيه به من أن يلتزموا موصوليته، كما لم يمنعهم عدم تقدم "ما" أو "من" الاستفهاميتين من التزام موصوليته، وعندهم أن التقدير: والذي تحملينه طليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>