مضافًا أو مضافين، وقد لا يؤتى بعد المرفوع بشيء، نحو:"ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل"، وقالوا:"ما أحد أحسن به الجميل من زيد" والأصل: ما أحد أحسن به الجميل من حسن الجميل بزيد، ثم أضيف "الجميل" إلى "زيد" لملابسته إياه، ثم حذف المضاف الأول، ثم الثاني، ومثله قوله عليه الصلاة والسلام:"ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم من أيام العشر"، والأصل: من محبة الصوم في أيام العشر، ثم من محبة صوم أيام العشر، ثم من صوم أيام العشر، ثم من أيام العشر، وقول الناظم:
"كلن ترى في الناس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق"
والأصل: من ولاية الفضل بالصديق، ففعل به ما ذكر.
تنبيهات: الأول: إنما امتنع نحو: "رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد"، ونحو:"ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه"، وإن كان أفعل فيهما يصح وقوع الفعل موقعه لأن المعتبر في اطراد رفع أفعل التفضيل الظاهر جواز أن يقع موقعه الفعل الذي بُني منه مفيدًا فائدته، وهو في هذين المثالين ليس كذلك، ألا ترى أنك لو قلت:"رأيت رجلًا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد"، أو "يحسن في عينه الكحل كحلًا في عين زيد" بمعنى يفوقه في الحسن، فاتت الدلالة على التفضيل في الأول وعلى الغريزة في الثاني، وكذا القول في "ما رأيت رجلًا يحسن أبوه كحسنه" إذا أتيت في موضع أحسن بمضارع حسن حيث تفوت الدلالة على التفضيل، أو قلت:"ما رأيت رجلًا يحسنه أبوه"، فأتيت موضع أحسن بمضارع حسنه إذا فاقه في الحسن حيث تغير الفعل الذي بُني منه أحسن، ففاتت الدلالة على الغريزة المستفادة من أفعل التفضيل، ولو رُمْت أن توقع الفعل موقع أحسن على غير هذين الوجهين لم تستطع.
الثاني: قال في شرح التسهيل: لم يرد هذا الكلام المتضمن ارتفاع الظاهر بأفعل إلا بعد نفي، ولا بأس باستعماله بعد نهي أو استفهام فيه معنى النفي، كقوله: لا يكن غيرك أحب إليه الخير منه إليك، وهل في الناس رجل أحق به الحمد منه بمحسن لا يمن.
الثالث: قال في شرح الكافية: أجمعوا على أنه لا ينصب المفعول به، فإن وجد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر يفسره أفعل، نحو:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ١ فحيث هنا مفعول به لا مفعول فيه، وهو في موضع نصب بفعل مقدر يدل عليه