وإذا انتقلنا إلى الحقوق الثقافية للإنسان في المجتمع المسلم، فلا مناص من الاستشهاد بجوستاف لوبون الذي قال:"إن النشاط الذي أبداه العرب في الدراسة كان مدهشا جدا، ولئن ساواهم في ذلك كثير من الشعوب، فلم يكن منهم فيما أظن من سبقهم.
وكانوا إذا استولوا على مدينة، وجهوا عنايتهم في الدرجة الأولى إلى تأسيس وإقامة مدرسة".
وقال أيضا:"وعدا مدارس التعليم البسيطة، فإن المدة الكبرى مثل بغداد، والقاهرة وطليطلة وقرطبة.. إلخ كان فيها جامعات علمية مجهزة بالمخابر، والمراصد، والمكتبات الغنية، وباختصار كانت هذه الجامعات مجهزة بكل المواد الضرورية للبحوث العلمية، وكان في أسبانيا "الأندلس" وحدها سبعين مكتبة عامة، وكانت مكتبة الخليفة الحكم الثاني في قرطبة تحتوي كما ذكر المؤلفون العرب على ستمائة ألف مجلد، كان فيها أربعة وأربعون مجلدا للفهرست فقط.
وقد لوحظ بحق أن شارل الحكيم لم يستطع بعد أربعمائة سنة من التاريخ هذا أن يجمع في مكتبة فرنسا الملكية أكثر من تسعمائة.
ويقول جوستاف لوبون أيضا في كتابه "حضارة العرب": "لقد بلغ شغف العرب بالتعليم مبلغا عظيما جدا، حتى إن خلفاء بغداد كانوا يستعملون كل الوسائل لجذب العلماء والفنيين في العالم إلى قصورهم".