غافق، وبالاندلس غير ضيعة فيها الألوف من الناس لم تمدّن وهم على دين النصرانيّة روم وربّما عصوا فى بعض الأوقات ولجأ بعضهم الى حصن فطال جهادهم لأنّهم فى غاية العتوّ والتمرّد وإذا خلعوا ربقة الطاعة صعب ردّهم إلّا باستئصالهم وذلك شىء يصعب ويطول، ومارده وطليطله من أعظم مدن الاندلس وأشدّها منعة، وثغور الجلالقة مارده ونفزه ووادى الحجارة وطليطله تلى مدينتى الجلالقة التى تعرف بسموره «٦» وليون وليون مسكن سلطانهم وعدّتهم بعد سموره واوبيط «٧» من كبار مدنهم وهى بعيدة عن بلد الإسلام، وليس فى أصناف الكفر الذين يلون الاندلس أكثر عددا من الافرنجه غير أنّ الذي يلى المسلمين منهم ضعيفة شوكتهم قليلة عدّتهم وعدّتهم وفيهم إذا ملكوا طاعة وحسن نصيحة ومحاسن كثيرة، واليهم يرغب أهل الاندلس عن الجلالقة بأولادهم والجلالقة أحسن وأصدق محاسن وأقلّ طاعة وأشدّ بأسا وقوّة وبسالة وفيهم غدر وهم فى عرض طريق الافرنجه، (٧) وأعظم مدينة بالاندلس قرطبه وليس بجميع المغرب لها شبيه ولا بالجزيرة والشأم ومصر ما يدانيها فى كثرة أهل وسعة رقعة وفسحة أسواق ونظافة محالّ وعمارة مساجد وكثرة حمّامات وفنادق ويزعم قوم من سافرتها الواصلين الى مدينة السلام أنّها كأحد جانبى بغداذ وذلك أنّ عبد الرحمن بن محمّد صاحبها ابتنى فى غربها مدينة وسمّاها بالزهراء «١٨» فى سفح جبل حجر أملس يعرف بجبل بطلش وخطّ فيها الأسواق وابتنى الحمّامات والخانات والقصور والمتنزّهات واجتلب اليها العامّة بالرغبة وأمر مناديه بالنداء فى جميع أقطار الاندلس ألا من أراد أن يبتنى «٢١» دارا أو أن [٣٣ ظ] يتّخذ مسكنا بجوار السلطان فله «٢٢» من المعونة أربع مائة درهم فتسارع الناس الى العمارة وتكاثفت الأبنية وتزايدت فيها الرغبة وكادت الأبنية أن تتّصل بين قرطبه والزهراء «٢٤» ونقل اليها بيت ماله وديوانه