مساكن أعالى ربضها متّصلة مبانيها بربضها الأسفل وأبنيتها مشتبكة مستديرة على البلد من شرقه وشماله وغربه فأمّا الجنوب منه فهو الى واديه وعليه الطريق المعروف بالرصيف والأسواق والبيوع والخانات والحمّامات ومساكن العامّة بربضها، ومسجد جامعها جليل عظيم فى نفس المدينة والحبس منه قريب، وقرطبه هذه بائنة بذاتها عن مساكن أرباضها غير ملاصقة لها والمدينة قريبة الحال ودرت بسورها غير يوم فى قدر ساعة وهى نفسها مستديرة حصينة السور وسورها من حجر، ولم تكن الزهراء «٧» بذات سور تامّ وبها مسجد جامع حسن طيّب فى نفسه [دون جامع البلد فى المحلّ والقدر والكبر]«٩» ولقرطبه سبعة أبواب حديد، وهى فخمة واسعة الحال بحسن الجدّة وكثرة المال والتصرّف فى وجوه التنعّم بجيّد الثياب والكسى من ليّن الكتّان وجيّد الخزّ والقزّ والمتعة بفاره المركوب والمأكول والمشروب، (١٠) وليس لجيوشهم حلاوة فى العين لسقوطهم عن أسباب الفروسيّة وقوانينها وإن شجعت أنفسهم [٣٣ ب] ومرنوا بالقتال فإنّ أكثر حروبهم تتصرّف على الكيد والحيلة وما رأيت ولا رأى غيرى بها إنسانا قطّ جرى «١٦» على فرس فاره أو برذون هجين ورجلاه فى الركابين ولا يستطيعون ذلك ولا بلغنى عن أحد منهم لخوفهم السقوط وبقاء الرجل «١٧» فى الركاب على قولهم وهم يفرسون على الأعراء من الخيل وما أطبقت قطّ جريدة عبد الرحمن بن محمّد ولا من سبقه من آله وآبائه على خمسة آلف فارس ممّن يقبض رزقه ويختم عليه ديوانه لأنّه مكفىّ المؤونة بأهل الثغور من أهل جزيرته ما ينوبه من كيد العدوّ ومن يجاوره من الروم ولا عدوّ عليه سواهم وقلّما يكترث بهم، وربّما طرقه فى بعض الأحايين مراكب الروس والترك البجناكيّة وقوم فى جملتهم من الصقالبة والبلغار فينكوا «٢٣» فى أعماله وربّما انصرفوا خاسرين خائبين،