شبهه ورمح خطىّ وآلة وعدّة لم تزل «١» على بلد الروم مطلّة يقمع بها شوكتهم ويسبى بها ذراريّهم ويخربون بالاستطالة حصونهم ويجوسون ديارهم يقدمهم نحو هذه العدّة من الجنائب العتاق والبغال الفره عليها الخدم والخول والموالى، فتنصّروا بأجمعهم وأوثقوا ملك الروم من أنفسهم بعد أن أحسن لهم النظر فى إنزالهم على كرائم الضياع ونفائس الحبى والمتاع وخيّرهم القرى والمنازل ورفدهم بالنواحى الحسنة والمواشى العوامل «٦» فعادوا الى بلد الإسلام على بصيرة بمضارّه وعلم بأسباب فساده وخبرة بطرقه ومعرفة بجلّه ودقّه وقلوبهم تضطرم حقدا وتفور كيدا وتلتهب ضبّا «٨» ، وقد كاتبوا من خلّفوه وراسلوا من عرفوه ولا طفوه بذكر ما بلغوه ونالوه وكان الأكثر قد قصد فى ضياعه وحيل بينه وبين أملاكه ووظّف عليه ما لا يعرفه وألزم من الكلف ما لم يجر بمثله عليه رسم «١١» فأطمعوهم فيما نالوه وعرّفوهم ما وصلوا اليه وما جاؤوا فيه وله من قصد بلد الإسلام واجتياحه واصطلام نواحيه وبقاعه وأنّ ملكهم أيّدهم وقوّاهم وأنعم عليهم وآواهم فلحق بهم كثير من المتخلّفين عنهم وانتمى اليهم [٦٢ ب] من لم يك منهم فشنّوا الغارات على بلد الإسلام وافتتحوا حصن منصور وحصن زياد وساروا الى كفرتوثا ودارا فأتوا عليهما بالسبى والقتل وألحقوا أسوارهما بالأرض وضروا بذلك «١٦» فصار لهم عادة وديدنا يخرجون فى كلّ سنة عند أوان الغلّات الى أن أتوا على ربض نصيبين نفسها والغربىّ من ضياعها وتعدّوا ذلك الى أن وصلوا الى جزيرة ابن عمر فأهلكوا نواحيها وسحقوا رأس العين وعملها وساروا الى نواحى الرقّة وبالس وعادوا الى ميافارقين وارزن فأخووا قراها وضياعها وعضدوا أشجارها وزروعها الى أن جعلت كالخاوية على عروشها، وتزايدت ثقة الملك بهم والروم فى السكون اليهم الى أن جعلت لهم الأرزاق ورسمت لهم الأعطية وصاروا خاصّة الملك وآراء العرب أثقف