للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

هذه الحجارة وكذلك جامعها غير أنّها أصغر منها وأقلّ سمكا فى عرض وطول، وبآمد مزدرع داخل سورها ومياه وطواحن على عيون تنبع منها وكان لها ضياع ورساتيق وقصور ومزارع برسمها هلكت [٦٥ ب] بضعفهم واقتدار العدوّ عليهم وقلّة المغيث والناصر ولم يبق للمسلمين ثغر أجلّ ولا أمنع جانبا سوره منه وقلّما ينفع السور بغير رجال والسلاح بغير مقاتل وإن دام عليهم ما هم به خيف عليهم لأنّ سلاطينهم أكثر ما يظهر منهم الرغبة «٧» فيها إرادة التسمية «٨» على منابرها والدعاء لهم بها دون ما يجب لأهل الثغور على الملوك من تقوية بالمال والكراع والرجال والعدّة والعتاد وقلّما بقى ثغر بالمنى أو ينفعه التسمّى على منابره بالألقاب والكنى أو نكى فى عدوّه شىء ممّا يظاهر به أهل زماننا وملوكنا من ذلك لأنّهم بالجمع والمنع فى شغل عن صلاح الرعايا وتأمّل الرزايا وكأنّى به وقد قيل اسلمه أهله أو دخل تحت الجزية من فيه، والله من ورائه دافعا ومانعا «١٢» ، [قال كاتب «١٣» هذه الأحرف دخلتها سنة أربع وثلثين وخمس مائة ولم يكن بها إلّا بقايا رمق وفيها من الصدور والأجلّاء والرؤساء والمشايخ والفضلاء وأرباب العلم والحكم وأصحاب الفقه والأدب وذوى اليسار والمروءة والإفضال والكرم والنوال ومؤاساة الغريب والقريب جماعة فلم يزل بها جور بنى نيسان «١٦» وظلمهم وكثرة الاضطهاد والإجحاف والمصادرات والتضييق عليهم ومطالبتهم برسوم ومؤن وضعوها لم تك فيها قبل وتكلفهم ما لا يطاق فألجأهم ذلك الى التشتّت عن الأوطان والبعد عن الأهل والإخوان فخربت بيوتهم وانمحت آثارهم فلم يبق بأسواقها حانوت معمور فضلا أن يقال مسكون ومع ذلك وسمهم بسمة رديّة بحيث كان أحدهم إذا دخل بلدة وقصد ناحية غيّر اسمه وأنكر بلده خوفا على نفسه وصيانة لعرضه ودمه الى أن فرّج الله عمّن بقى بها وافتتحها الملك العالم العادل المؤيّد المظفّر المنصور نور الدين فخر الإسلام أبو عبد الله محمّد بن قرا ارسلان بن داود بن سكمان الارتقىّ خلّد الله دولته وثبّت «٢٣» وطأته وذلك