في تلك الأرض وفرّوا عنها واعتصموا في الجبال وتفرقوا في الصحارى ودخلوا في ذمة من جاورهم وتستروا في أكنافهم فلم يبق من أهل قمنورية إلا قوم قلائل متفرقون في تلك الصحارى وبمقربة من الساحل عيشهم من الألبان والحوت وهم في نكد من كد العيش وضيق الحال وهم ينتقلون في تلك الأرض مع مهادنة من جاورهم ويقطعون أيامهم مسالمة إلى حين.
وبين بلاد قمنورية وبلد سلى وتكرور طرق مجهولة الآثار دارسة المسالك قليلة السالك ماؤها غائر وعلامتها خفية وبين قمنورية وسلى وتكرور مسير ستة عشر يوما ومن نغيرا إلى سلى نحو من اثني عشر يوما وكذلك منها إلى بلد ازقي من بلاد لمتونة اثنتا عشرة مرحلة وماؤها قليل يتزود لقلته من حفر يحتفرها السالكون المجتازون بتلك الأرض وفي بلاد قمنورية جبل مانان ويتصل بالبحر المحيط وهو جبل منيع عالي الذروة أحمر التربة وفيه أحجار لماعة تعشي البصر إذا طلعت عليها الشمس لا يكاد الناظر ينظر إليها لشعاعها وبريق حمرتها وفي أسفله ينابيع بالماء العذب يتزود ويحمل في الأوعية إلى كل جهة.
ومما يلي مدينة نغيرا وفي شرقيها مع ميل إلى الجنوب جبل بنبوان وهو من أعلى جبال الأرض أجرد أبيض التربة لا ينبت فيه شيء من النبات إلا ما كان من الشيخ والغاسول المسمى الحرض ومن علو هذا الجبل