في الهواء حكى صاحب كتاب العجائب عنه أن السحاب تمطر المطر دونه ولا تصيب رأسه.
ويلي هذه الأرض المذكورة صحراء نيسر وهي الصحراء التي قدمنا ذكرها وعليها يدخل المسافرون إلى اودغست وغانة وغيرهما من البلاد كما قلناه قبل وهذه الصحراء قليلة الأنس ولا عامر بها وبها الماء قليل ويتزود به من مجابات معلومة ومنها مجابة نيسر التي ذكرنا أنها أربعة عشر يوما لا ماء بها ولا يوجد له أثر فيها وهي مشهورة بذلك وفي هذه الصحراء المعروفة بصحراء نيسر حيات كثيرة طوال القدود غلاظ الأجسام والسودان يصيدونها ويقطعون رؤوسها ويرمون بها ويطبخونها بالملح والماء والشيخ ويأكلونها وهي عندهم أطيب طعام يأكلونه وهذه الصحراء يسلكها المسافرون في زمان الخريف وصفة السير بها أنهم يوقرون أجمالهم في السحر الأخير ويمشون إلى أن تطلع الشمس ويكثر نورها في الجو ويشتد الحر على الأرض فيحطون أحمالهم ويقيدون أجمالهم ويعرسون أمتعتهم ويخيمون على أنفسهم ضلالا تكنهم من حر الهجير وسموم القائلة ويقيمون كذلك إلى أول وقت العصر وحين تأخذ الشمس في الميل والانحطاط في جهة المغرب يرحلون من هناك ويمشون بقية يومهم ويصلون به المشي إلى وقت العتمة ويعرسون أينما وصلوا ويبيتون بقية ليلهم إلى أول الفجر الأخير ثم يرحلون وهكذا سفر التجار الداخلين إلى بلاد السودان على هذا