والتروش والجبال الناتئة وفيه عدة جزائر خالية في زمن الشتاء وفي مدة خوض البحر وركوبه في أيام السفر فيه قوم يعمرون هذه الجزائر سمر الألوان يأتون إليها في زوارقهم فيتصيدون فيها السمك الكثير ويجففونه في الشمس ثم يطحنونه ويخبزونه ويتعيشون منه أكثر دهرهم ولزومهم في هذه الجزائر لصيد الحوت واستخراج اللؤلؤ الدقيق منه وأخذ السلاحف البحرية التي يكون على ظهورها الذبل وهو بها كثير حسن الصفة.
وأكبر جزيرة فيه من هذا الجزء جزيرة النعمان وبها قوم لازمون لها ساكنون بها ومنها جزيرة السامري يسكنها قوم يهود سامرية وعلامتهم أن يقول أحدهم إذا لقي إنسانا «لا مساس» وبهذه اللفظة يعرف أنهم من اليهود المنسوبين إلى السامري صاحب العجل في زمن موسى عليه السلام.
وفي هذا البحر من السمك حوت مربع عرضه قريب من طوله يقال له اليهار وربما بلغ وزن الحوت منه نصف قنطار أو نحوه وهو حوت أحمر شهي الطعم حسن الذوق ولا سهك به وفيه سمك آخر طوله شبر ونصف له رأسان رأس في موضع رأسه ورأس في موضع ذنبه وفي كل رأس من هذين الرأسين عينان وفم وتصرفه في البحر يزج مرة إلى أمامه وتارة إلى خلفه ويسمى هذا السمك الخنجر وفي هذا البحر أيضا سمك يقال له القرش وهو نوع من كلاب البحر في فمه سبعة صفوف أضراس ويكون منه ما طوله عشرة أشبار وأكثر وأقل من ذلك وضرره بمن أمكنه في البحر كثير جدا.
ومراكب هذا البحر كلها مؤلفة بالدسر ومخروزة بحبال الليف مجلفطة