للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدقيق اللبان ودهن كلاب البحر المعد لذلك والربانيون في هذه المراكب لهم آلات متخذة بحكمة مهندسة موضوعة في أعلى الصاري الذي يكون في مقدمة المركب فيجلس به الرباني ويبصر ما لاح أمامه من التروش التي تحت الماء مخفية فيقول للماسك على المركب «خذ إليك» و «ادفع عنك» ولولا ذلك ما عبره أحد وآفاته كثيرة في المراكب والمسافرون في هذا البحر يأوون منه في كل ليلة إلى مواضع يسكنون فيها ويلجأون إليها خوفا من معاطبه وينزلون بها نهارا ويقلعون عنها نهارا حالا دائما سير النهار وإقامة الليل.

وهو بحر مظلم كريه الروائح وحش الجزائر لا خير في ظاهره ولا في باطنه وليس كبحر الهند والصين الذي في بطنه اللؤلؤ النفيس وفي جباله الجواهر وفي مدنه أصناف الطيب وفي سواحله محلات الملوك ومدنها وفي جزائره منابت الأبنوس والبقم والخيزران وشجر العود والكافور والأفاويه وفي أرضه دواب المسك وظباؤه وجميع ما يقع إلى بحر القلزم من العنبر فإنما هو مما شذ إليه من بحر الهند وقد ذكرنا مسافة طوله وعرضه فيما سبق من ذكر جملة البحور المذكورة في صدر الكتاب.

وعلى ساحل هذا البحر الواقع في هذا الجزء في الجهة الشرقية حصن حلي والسرين والسقية وجدة والجحفة والجار وكل هذه معاقل ومواطن يسافر إليها ويتجهز منها وفي كل واحدة منها وال وعامل.