الجهة الشمالية وبين هذه المنارة وبين المدينة ميل في البحر وفي البر ثلاثة أميال وارتفاع هذه المنارة ثلثمائة ذراع بالرشاشي وهو ثلاثة أشبار وذلك أن طولها كله مائة قامة منها ست وتسعون قامة إلى القبة التي في أعلاها وطول القبة أربع قامات ومن الأرض إلى الحزام الأوسط سبعون قامة سواء ومن الحزام الأوسط إلى أعلاها ست وعشرون قامة ويصعد إلى أعلاها من درج عريض في وسطها كالعادة في أدراج الصوامع ومنتهى الدرج الأول إلى نصفها ثم ينقبض البناء في نصفها من الأربعة أوجه وفي جوف هذا البناء وتحت أدراجه بيوت مبنية ومن هذا الحزام الأوسط يطلع بناؤها إلى أعلاها مقبوضا عن مقدار البناء الأسفل بمقدار ما يستدير به الإنسان من كل ناحية ويصعد أيضا إلى أعلاها من هذا الحزام في أدراج أقل أبنية من الأدراج السفلى وفيه زراقات أضواء في كل وجه منها يدخل الضوء عليها من خارج إلى داخل بحيث يبصر الصاعد فيها حيث يضع قدميه حين يصعد فيها وهذه المنارة من عجائب بنيان الدنيا علوا ووثاقة والمنفعة فيها أنها علم توقد النار بها في وسطها بالليل والنهار في أوقات سفر المراكب فيرى أهل المراكب تلك النار بالليل والنهار فيعملون عليها وترى من بعد مجرى لأنها تظهر بالليل كالنجم وبالنهار يرى منها دخان وذلك أن مدينة الإسكندرية في قعر الجون متصلة بها أوطئة وصحار متصلة لا جبل بها ولا علامة يستدل بها عليها ولولا تلك النار لضلت أكثر المراكب عن القصد إليها وهذه النار تسمى فانوسا ويقال إن الذي بنى هذه المنارة هو الذي بنى الأهرام التي في حد مدينة الفسطاط من غربي النيل ويقال أيضا إنها من بنيان الإسكندر عند بنيان الإسكندرية والله أعلم بصحيح ذلك وبالإسكندرية المسلتان وهما