والجائزة غلظ جائزة والسماوات التي ذكرناها هي كلها مسطحة فيها ضروب الصنع المنشاة من الضروب المسدسة والموربي وهي صنع الفص وصنع الدوائر والمداهن لا يشبه بعضها بعضا بل كل سماء منها مكتف بما فيه من صنائع قد أحكم ترتيبها وأبدع تلوينها بألوان الحمرة الزنجفرية والبياض الاسفيذاجي والزرقة اللازوردية والزرقون الباروقي والخضرة الزنجارية والتكحيل النقسي تروق العيون وتستميل النفوس باتقان ترسيمها ومختلفات ألوانها وتقسيمها وسعة كل بلاط من بلاطات مسقفه ثلاثة وثلاثون شبرا وبين العمود والعمود خمسة عشر شبرا ولكل عمود منها رأس رخام وقاعدة رخام وقد عقد بين العمود والعمود على أعلى الراس قسي غريبة فوقها قسي آخر على عمد من الحجر المنجور متقنة وقد جصص الكل منها بالجص والجيار وزينت عليها بحور مستديرة ناتية بينها ضروب صناعات الفص بالمغرة وتحت كل سماء منها إزار خشب فيه مكتوب آيات القرآن.
ولهذا المسجد الجامع قبلة تعجز الواصفين أوصافها وفيها اتقان يبهر العقول تنميقها وكل ذلك من الفصفص المذهب والملون مما بعث به صاحب القسطنطينة العظمى إلى عبد الرحمن المعروف بالناصر لدين الله الأموي وعلى هذا الوجه أعني وجه المحراب سبع قسي قائمة على عمد وطول كل قوس منها أشف من قامة وكل هذه القسي مزججة صنعة القرط قد أعيت الروم والمسلمين بغريب أعمالها ودقيق تكوينها ووضعها وعلى أعلى الكل كتابان مسجونان بين