للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ج - ومن الخطأ في الفهم الظن بأن الغلظة هي الأصل وأنها كانت ديدنًا للرسول صلى الله عليه وسلم أخذًا من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (١) ، ويوضح هذا المعنى الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ بقوله: ". . . فإن هذا يصار إليه إذا تعينت الغلظة ولم يجد اللين كما هو ظاهر مستبين، كما قيل آخر الطب الكي، وهو أيضًا مع القدرة ويشترط أن لا يترتب عليه مفسدة. . . ثم إن الآية آية الغلظة مدنية بعد تمكن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الجهاد باليد وظهور الاستمرار على الكفر من أعدائهم فوقعت الغلظة في مركزها حيث لم ينفع اللين " (٢) ، ويقول واصفًا حال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته للمشركين: ". . . فمكث على ذلك يدعو ويذكر ويعظ وينذر مع غاية اللطف واللين فتارة يكني المخاطبين، وطورًا يأتي نادي المتقدمين أو المترأسين، وحينًا يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وناهيك بخلق مدحه القرآن وأثنى على حلمه في الدعوة البيان. . . " (٣) ، ويؤكد هذا المعنى بضرب مثال في عصر الصحابة لرجل منهم كان له أكبر الأثر في دعوة الناس وهدايتهم وهو من


(١) سورة التوبة: آية (٧٣) .
(٢) رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية: (٣ / ١٨٧) .
(٣) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية: (٧ / ١٨٧) .

<<  <   >  >>