قال أبو بكر بن عياش: عمى قبر علي لئلا ينبشه الخوارج.
وقال شريك: نقله ابنه الحسن إلى المدينة.
وقال المبرد عن محمد بن حبيب: أول من حول من قبر إلى قبر علي رضي الله عنه.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز، قال: لما قتل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حملوه ليدفنوه مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فبينما هم في مسيرهم ليلًا إذ ند١ الجمل الذي هو عليه، فلم يدر أين ذهب؟ ولم يقدر عليه، قال: فلذلك يقول أهل العراق: هو في السحاب، وقال غيره: إن البعير وقع في بلاد طيئ فأخذوه فدفنوه.
وكان لعلي حين قتل ثلاث وستون سنة، وقيل: أربع وستون، وقيل: خمس وستون، وقيل: سبع وخمسون، وقيل: ثمان وخمسون، وكان له تسع عشرة سرية.
فصل: في نبذ من أخبار علي وقضاياه وكلماته رضي الله عنه
قال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا هشيم، حدثنا حجاج، حدثني شيخ من فزارة: سمعت عليًّا يقول: الحمد لله الذي جعل عدونا يسألنا عما نزل به من أمر دينه إن معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى المشكل، فكتبت إليه أن يورثه من قبل مباله، وقال هشيم، عن مغيرة، عن الشعبي، عن علي مثله.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: لما قدم علي البصرة قام إليه ابن الكواء، وقيس بن عباد، فقالا له: ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه، تتولى على الأمة تضرب بعضهم ببعض؟ أعهد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليك؟ فحدثنا فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت، فقال: أما أن يكون عندي عهد من النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك فلا، والله لئن كنت أول من صدق به فلا أكون أول من كذب عليه، ولو كان عندي من النبي -صلى الله عليه وسلم- عهد في ذلك ما تركت أخا بني تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذا، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل قتلًا، ولم يمت فجأة، مكث في مرضه أيامًا وليالي، يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر، فأبى وغضب، وقال:"أنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر يصلي بالناس"، فلما قبض الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- نظرنا في أمورنا، فاخترنا لدنيانا من رضيه نبي الله -صلى الله عليه وسلم- لديننا، وكانت الصلاة أصل الإسلام، وهي أمير الدين، وقوام الدين، فبايعنا أبا بكر، وكان لذلك أهلًا، ولم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم تقطع منه البراءة، فأديت إلى أبي بكر حقه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزوا إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قبض تولاها عمر، فأخذها بسنة صاحبه، وما يعرف من أمره، فبايعنا عمر،
١ أي: شرد وذهب على وجهه ومنه: "فند بعير منها". النهاية "٣٥/٥".