للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم تقطع منه البراءة، فأديت إلى عمر حقه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جيوشه، وكنت آخذ إذا أعطاني وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بيدي الحدود بسوطي، فلما قبض تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وسالفتي وفضلي، وأنا أظن ألا يعدل بي، ولكن خشى ألا يعمل الخليفة بعده ذنبًا إلا لحقه في قبره، فأخرج منها نفسه وولده، ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده، فبرئ منها إلى رهط من قريش ستة أنا أحدهم، فلما اجتمع الرهط ظننت ألا يعدلوا بي، فأخذ عبد الرحمن بن عوف مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه الله أمرنا، ثم أخذ بيد عثمان بن عفان وضرب بيده على يده، فنظرت في أمري، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وإذا ميثاقي أخذ لغيري، فبايعنا عثمان، فأديت له حقه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جيوشه، وكنت آخذ إذا أعطاني وأغزوا إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما أصيب نظرت في أمري، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهما بالصلاة قد مضيا، وهذا الذي قد أخذ له الميثاق قد أصيب، فبايعني أهل الحرمين، وأهل هذين المصرين، فوثب فيها من ليس مثلي، ولا قرابته كقرابتي، ولا علمه كعلمي، ولا سابقته كسابقتي، وكنت أحق بها منه.

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: عرض لعلي رجلان في خصومة، فجلس في أصل جدار، فقال له رجل: الجدار يقع، فقال علي: امض، كفى بالله حارسًا، فقضى بينهما، فقام، ثم سقط الجدار.

وفي الطيوريات بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب: نسمعك تقول في الخطبة: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين، فمن هم؟ فاغرورقت عيناه، فقال: هم حبيباي: أبو بكر وعمر، إماما الهدى، وشيخا الإسلام، ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدى الصراط المستقيم، ومن تمسك بهما فهو من حزب الله.

وأخرج عبد الرزاق عن حجر المدري قال: قال لي علي بن أبي طالب: كيف بك إذا أمرت أن تلعنني؟ قال: وكائن ذلك؟ قال: نعم، قلت: فكيف أصنع؟ قال: العني ولا تبرأ مني، قال: فأمرني محمد بن يوسف أخو الحجاج وكان أميرًا على اليمن، أن ألعن عليًّا، فقلت: إن الأمير أمرني أن ألعن عليًّا فالعنوه، لعنه الله، فما فطن لها إلا رجل.

وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل١ عن زاذان: أن عليًّا حدث بحديث فكذبه رجل، فقال له علي: أدعو عليك إن كانت كاذبًا؟ قال: ادع فدعا عليه، فلم يبرح حتى ذهب بصره.

وأخرج عن زر بن حبيش قال: جلس رجلان يتغديان مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع


١ أخرجه الطبراني في الأوسط "ح١٨١٢".

<<  <   >  >>