للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسنده عن ابن الكلبي قال: كان مروان بن الحكم ولي العهد عمرو بن سعيد بن العاص بعد ابنه، فقتله عبد الملك، وكان قتله أول غدر في الإسلام فقال بعضهم:

يا قوم لا تغلبوا عن رأيكم فلقد ... جربتم الغدر من أبناء مروانا

أمسوا وقد قتلوا عمرًا وما رشدوا ... يدعون غدرًا بعهد الله كيسانا

ويقتلون الرجال البزل ضاحية ... لكي يولوا أمور الناس ولدانا

تلاعبوا بكتاب الله فاتخذوا ... هواهم في معاصي الله قرآنا

وأخرج بإسناد فيه الكديمي، وهو متهم بالكذب، عن ابن جريج عن أبيه قال: خطبنا عبد الملك بن مروان بالمدينة بعد قتل ابن الزبير عام حج سنة خمس وسبعين، فقال بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد فلست بالخليفة المستضعف -يعني: عثمان- ولا الخليفة المداهن -يعني: معاوية- ولا الخليفة المأفون١ -يعني: يزيد- ألا وإن من كان قبلي من الخلفاء كانوا يأكلون ويطعمون من هذه الأموال، إلا وإني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم، تكلفوننا أعمال المهاجرين ولا تعملون مثل أعمالهم؟ فلن تزدادوا إلا عقوبة حتى يحكم السيف بيننا وبينكم، هذا عمرو بن سعيد قرابته قرابته وموضعه موضعه قال برأسه هكذا فقلنا بأسيافنا هكذا، ألا وإنا نحمل لكم كل شيء إلا وثوبًا على أمير أو نصب راية، ألا وإن الجامعة التي جعلتها في عنق عمرو بن سعيد عندي، والله لا يفعل أحد فعله إلا جعلتها في عنقه، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه، ثم نزل.

ثم قال العسكري: وعبد الملك أول من نقل الديوان من الفارسية إلى العربية وأول من رفع يديه على المنبر.

قلت: فتمت له عشرة أوائل منها خمسة مذمومة.

وقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف بسنده عن محمد بن سيرين قال: أول من أحدث الأذان في الفطر والأضحى بنو مروان، فإما أن يكون عبد الملك أو أحدًا من أولاده ٢.

وقد أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني غير واحد أن أول من كسا الكعبة بالديباج عبد الملك بن مروان، وإن من أدرك ذلك من الفقهاء قالوا: أصاب، ما نعلم لها من كسوة أوفق منه.

وقال يوسف بن الماجشون، كان عبد الملك إذا قعد للحكم قيم على رأسه بالسيوف.

وقال الأصمعي: قيل لعبد الملك: يا أمير المؤمنين عجل عليك الشيب، فقال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة؟.

وقال محمد بن حرب الزيادي: قيل لعبد الملك بن مروان: من أفضل الناس؟ قال: من تواضع عن رفعة، وزهد في قدرة، وأنصف عن قوة.


١ هو الضعيف العقل والرأس. مختار الصحاح "١٩".
٢ أخرجه ابن أبي شيبة "١١/٧٥/٢".

<<  <   >  >>