للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاصة كلموه في ذلك، فقال: لن يتسع مالي لكم، وأما هذا المال فإنما حقكم فيه كحق رجل بأقصى برك الغماد.

وقال أبو عمر: كتب عمر بن عبد العزيز برد أحكام من أحكام الحجاج مخالفة لأحكام الناس.

وقال يحيى الغساني: لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقة ونقبًا، فكتبت إليه أعلمه حال البد وأسأل: آخذ الناس بالظنة وأضربهم على التهمة أو آخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة؟ فكتب إليه أن آخذ الناس بالبينة وما جرت عليه السنة: فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحه الله. قال يحيى: ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقة ونقبًا.

وقال رجاء بن حيوة: سمرت ليلة عند عمر، فغشى السراج -وإلى جانبه وصيف- قلت: ألا أنبهه؟ قال: لا، قلت أفلا أقوم؟ قال: ليس من مروءة الرجل استخدامه ضيفه: فقام إلى بطة الزيت١ وأصلح السراج ثم رجع، وقال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز.

وقال نعيم كاتبه: قال عمر: إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة.

وقال مكحول: لو حلفت لصدقت ما رأيت أزهد ولا أخوف من عمر بن عبد العزيز.

وقال سعيد بن أبي عروبة: كان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله.

وقال عطاء: كان عمر بن عبد العزيز يجمع في كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة، ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة.

وقال عبيد الله بن العيزار، خطبنا عمر بن عبد العزيز بالشام على منبر من طين، فقال: أيها الناس، أصلحوا إسراركم تصلح علانيتكم، واعملوا لآخرتكم تكفوا دنياكم، واعلموا أن رجلًا ليس بينه وبين آدم أب حي لعرق له في الموت، والسلام عليكم٢.

وقال وهيب بن الورد: اجتمع بنو مروان إلى باب عمر بن عبد العزيز فقالوا لابنه عبد الملك: قل لأبيك: إن من كان قبله من الخلفاء كان يعطينا ويعرف لنا موضعنا، وإن أباك قد حرمنا في يديه، فدخل على أبيه فأخبره، فقال لهم: إن أبي يقول لكم: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم} [الزمر: ١٣] .

وقال الأوزاعي: قال عمر بن عبد العزيز: خذوا من الرأي ما يصدق من كان قبلكم، ولا تأخذوا ما هو خلاف لهم؛ فإنهم خير منكم وأعلم.

وقال: قدم جرير، فطال مقامه بباب عمر بن عبد العزيز، ولم يلتفت إليه، فكتب إلى عون بن عبد الله وكان خصيصًا بعمر:


١ شيء مشقوق يوضع فيه الزيت. مختار الصحاح "٥٦".
٢ أخرجه أبو نعيم في الحلية "٢٦٥/٥".

<<  <   >  >>