للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا أيها القارئ المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أني لدى الباب كالمصفود في قرن

قال جويرية بن أسماء: لما استخلف عمر بن عبد العزيز جاءه بلال بن أبي بردة فهنأه، وقال: من كانت الخلافة شرفته فقد شرفتها، ومن كانت زانته فقد زنتها، وأنت كما قال مالك بن أسماء:

وتزيدين أطيب الطيب طيبًا ... أن تمسيه، أين مثلك أينا؟

وإذا الدر زان حسن وجوه ... كان للدر حسن وجهك زينا

قال جعونة: لما مات عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز جعل عمر يثني عليه، فقال: يا أمير المؤمنين لو بقي كنت تعهد إليه؟ قال: لا، قال: ولِمَ أنت تثني عليه؟ قال: أخاف أن يكون زين في عيني منه ما زين في عين الولد من ولده.

وقال غسان عن رجل من الأزد: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: أوصني، قال: أوصيك بتقوى الله وإيثاره تخف عنك المئونة، وتحسن لك من الله المعونة.

وقال أبو عمرو: دخلت ابنة أسامة بن زيد على عمر بن عبد العزيز فقام لها ومشى إليها، ثم أجلسها في مجلسه وجلس بين يديها، وما ترك لها حاجة إلا قضاها.

وقال الحجاج بن عنبسة: اجتمع بنو مروان فقالوا: لو دخلنا على أمير المؤمنين فعطفناه علينا بالمزاح، فدخلوا، فتكلم رجل منهم فمزح، فنظر إليه عمر، فوصل له رجل كلامه بالمزاح، فقال: لهذا اجتمعتم؟ لأخس الحديث، ولما يورث الضغائن؟ إذا اجتمعتم فأفيضوا في كتاب الله، فإن تعديتم ذلك ففي السنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن تعديتم ذلك فعليكم بمعاني الحديث.

وقال إياس بن معاوية بن قرة: ما شبهت عمر بن عبد العزيز إلا برجل صناع حسن الصنعة ليس له أداة يعمل بها، يعني لا يجد من يعينه.

وقال عمر بن حفص: قال لي عمر بن عبد العزيز: إذا سمعت كلمة من امرئ مسلم فلا تحملها على شيء من الشر ما وجدت لها محملًا من الخير.

وقال يحيى الغساني: كان عمر ينهى سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية ويقول: ضمنهم الحبس حتى يحدثوا توبة: فأتى سليمان بحروري، فقال له سليمان: هيه، فقال الحروري: وماذا أقول؟ يا فاسق ابن الفاسق، فقال سليمان عليّ بعمر بن عبد العزيز، فلما جاء قال: اسمع مقالة هذا، فأعادها الحروري، فقال سليمان لعمر: ماذا ترى عليه؟ فسكت، قال: عزمت عليك لتخبرني بماذا ترى عليه، قال: أرى عليك أن تشتمه كما شتمك: قال، ليس الأمر كذلك، فأمر به سليمان فضربت عنقه، وخرج عمر فأدركه خالد صاحب الحرس، فقال: يا عمر كيف تقول لأمير المؤمنين ما أرى عليه إلا أن تشتمه كما شتمك؟ والله لقد كنت متوقعًا أن يأمرني بضرب عنقك، قال: ولو أمرك لفعلت؟ قال:

<<  <   >  >>