للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسند الصولي عن محمد بن عمارة، قال: كان للمهدي جارية شغف بها، وهي كذلك، إلا أنها تتحاماه كثيرًا، فدس إليها من عرف ما في نفسها، فقالت: أخاف أن يملني ويدعني فأموت، فقال المهدي في ذلك:

ظفرت بالقلب مني ... غادة مثل الهلال

كلما صحّ لها وُدّ ... يَ جاءت باعتلال

لا لحب الهجر مني ... والتنائي عن وصالي

بل لإبقاء على حبي ... لها خوف الملال

وله في نديمه عمر بن بزيع:

ربّ تّمم لي نعيمي ... بأبي حفص نديمي

إنما لذة عيشي ... في غناء وكروم

وجوار عطرات ... وسماع ونعيم

قلت: شعر المهدي أرق وألطف من شعر أبيه وأولاده بكثير.

وأسند الصولي عن ابن كريمة، قال: دخل المهدي إلى حجرة جارية على غفلة، فوجدها وقد نزعت ثيابها وأرادت لبس غيرها، فلما رأته غطت بيدها فقصرت كفها عنه فضحك وقال:

نظرت في القصر عيني ... نظرة وافق حيني

ثم خرج فرأى بشارًا فأخبره وقال: أجز، فقال بشار:

سترته إذ رأتني ... دونه بالراحتين

فبدا لي منه فضل ... تحت طي العكنتين

وأسند عن إسحاق الموصلي، قال: كان المهدي في أول أمره يحتجب عن الندماء تشبيهًا بالمنصور نحوًا من سنة، ثم ظهر لهم، فأشير عليه أن يحتجب، فقال: إنما اللذة مع مشاهدتهم.

وأسند عن مهدي بن سابق قال: صاح رجل بالمهدي وهو في موكبه:

قل للخليفة حاتِمٌ لك خائن ... فخف الإله وأعفنا من حاتم

إن العفيف إذا استعان بخائن ... كان العفيف شريكه في المأثم

فقال المهدي: يعزل كل عامل لنا يدعى حاتِمًا

وأسند عن أبي عبيدة قال: كان المهدي يصلي بنا الصلوات الخمس في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها، فأقيمت الصلاة يومًا، فقال أعرابي: لست على طهر، وقد رغبت في الصلاة خلفك، فأمر هؤلاء بانتظاري، فقال: انتظروه، ودخل المحراب، فوقف إلى أن قيل: جاء الرجل، فكبر فعجب الناس من سماحة أخلاقه.

<<  <   >  >>