من رأى الناس له ... الفضل عليهم حسدوه
مثل ما قد حسد القا ... ئم بالملك أخوه
فأوقر له ثلاث بغال دراهم، فلما قتل الأمين جاء التيمي إلى المأمون وامتدحه، فلم يأذن له، فالتجأ إلى الفضل بن سهل، فأوصله إلى المأمون فلما سلم عليه قال: هيه يا تيمي:
مثل ما قد حسد القا ... ئم بالملك أخوه
فقال التيمي:
نصر المأمون عبد الله ... لما ظلموه
نقض العهد الذي قد ... كان قدمًا أكدوه
لم يعامله أخوه ... بالذي أوصى أبوه
فعفا عنه، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
وقيل: إن سليمان بن منصور رفع إلى الأمين أن أبا نواس هجاه، فقال: يا عم أقتله بعد قوله؟:
أهدى الثناء إلى الأمين محمد ... ما بعده بتجارة مرتبصُ
صدق الثناء على الأمين محمد ... ومن الثناء تكذب وتخرص
قد ينقص البدر المنير إذا استوى ... وبهاء نور محمد ما ينقص
وإذا بنو المنصور عد خصالهم ... فمحمد ياقوتها المتخلّص
قال أحمد بن حنبل: إني لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره على إسماعيل بن علية، فإنه أدخل عليه، فقال: يابن الفاعلة أنت الذي تقول كلام الله مخلوق؟
قال المسعودي: ما ولي الخلافة إلى وقتنا هذا هاشمي ابن هاشمية سوى علي بن أبي طالب، وابنه الحسن، والأمين؛ فإن أمه زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، واسمها أمة العزيزة، وزبيدة لقب لها.
وقال إسحاق الموصلي: اجتمعت في الأمين خصائل لم تكن في غيره، كان أحسن الناس وجهًا، وأسخاهم، وأشرف الخلفاء أبًا وأمًّا، حسن الأدب، عالِمًا بالشعر، لكن غلب عليه الهوى واللعب، وكان مع سخائه بالمال بخيلًا بالطعام جدًّا.
وقال أبو الحسن الأحمر: كنت ربما أنسيت البيت الذي يستشهد به في النحو، فينشدنيه الأمين، وما رأيت في أولاد الملوك أذكى منه ومن المأمون.
وكان قتله في المحرم سنة ثمانٍ وتسعين ومائة، وله سبع وعشرون سنة.
مات في أيامه من الأعلام:
إسماعيل بن علية، وغندر، وشقيق البلخي الزاهد، وأبو معاوية الضرير، ومؤرج السدوسي، وعبد الله بن كثير المقرئ، وأبو نواس الشاعر، وعبد الله بن وهب صاحب مالك، وورشٌ المقرئ، ووكيع، وآخرون.