لِمَ نبكيك؟ لماذا؟ للطرب ... يا أبا موسى وترويج اللعب
ولترك الخمس في أوقاتها ... حرصًا منك على ماء العنب
وشنيف أنا لا أبكي له ... وعلى كوثر لا أخشى العطب
لم تكن تصلح للملك، ولم ... تعطك الطاعة بالملك العرب
لم نبكيك؟ لما عرضتنا ... للمجانيق وطورًا للسّلب
ولخزيمة بن الحسن على لسان زبيدة قصيدة يقول فيها:
أتى طاهر لا طهر الله طاهرًا ... فما طاهر فيما أتى بمطهّر
فأخرجني مكشوفة الوجه حاسرًا ... وأنهب أموالي، وأخرب أدؤري
يعزّ على هارون ما قد لقيته ... وما مر بي من ناقص الخلق أعور
تذكّر أمير المؤمنين قرابتي ... فديتك من ذي حرمة متذكر
قال ابن جرير: لما ملك الأمين ابتاع الخصيان، وغالى بهم، وصيرهم لخلوته، ورفض النساء والجواري، وقال غيره: لما ملك وجّه إلى البلدان في طلب الملهين وأجرى لهم الأرزاق، واقتنى الوحوش والسباع والطيور، واحتجب عن أهل بيته وأمرائه، واستخفّ بهم، ومحق ما في بيوت الأموال، وضيع الجواهر والنفائس، وبنى عدة قصور للهو في أماكن، وأجاز مرة من غنى له:
هجرتك حتى قلت لا يعرف القلى ... وزرتك حتى قلت ليس له صبر
بملء زورقه ذهبًا، وعمل خمس حراقات، جمع حراقة -بالفتح والتشديد- ضرب من السفن فيها مرامي نيران يرمى بها العدو على خلقة الأسد، والفيل، والعقاب، والحية، والفرس، وأنفق في عملها أموالًا فقال أبو نواس:
سخر الله الأمين مطايا ... لم تسخر لصاحب المحراب
فإذا ما ركابه سرن برًّا ... سار في الماء راكبًا ليث غاب
أسدًا باسطًا ذراعيه يهوى ... أهرت الشّدق كالح الأنياب
قال الصولي: حدثنا أبو العيناء، حدثنا محمد بن عمرو الرومي، قال: خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب، فأصابته رجمة في وجهه، فجعل الأمين يمسح الدم عن وجهه ثم قال:
ضربوا قرة عيني ... ومن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي ... من أناس أحرقوه
ولم يقدر على زيادة، فأحضر عبد الله بن التيمي الشاعر، فقال له: قل عليهما، فقال:
ما لمن أهوى شبيه ... فبه الدنيا تتيه
وصله حلو، ولكن ... هجره مر كريه