للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج عن الحسن بن عبدوس الصفار قال: لما تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل، أهدى الناس إلى الحسن، فأهدى له رجل فقير مزودين في أحدهما ملح، وفي الآخر أشنان، وكتب إليه، جعلت فداك! خفة البضاعة قصرت ببعد الهمة، وكرهت أن تطوى صحيفة أهل البر ولا ذكر لي فيها، فوجهت إليك بالمبتدأ به ليمنه وبركته، وبالمختوم به لطيبه ونظافته، فأخذ الحسن المزودين ودخل بهما على المأمون، فاستحسن ذلك، وأمر بهما ففرغا وملئا دنانير.

وأخرج الصولي عن محمد بن القاسم قال: سمعت المأمون يقول: أنا والله ألذ العفو حتى أخاف ألا أوجر عليه، ولو علم الناس مقدار محبتي للعفو لتقربوا إليّ بالذنوب.

وأخرج الخطيب عن منصور البرمكي قال: كان للرشيد جارية، وكان المأمون يهواها؛ فبينما هي تصب على الرشيد من إبريق معها والمأمون خلفه، إذ أشار إليها بقبلة، فزجرته بحاجبها، وأبطأت عن الصب، فنظر إليها هارون فقال: ما هذا؟ فتلكأت عليه، فقال: إن لم تخبريني لأقتلنك، فقالت: أشار إلي عبد الله بقبلة، فالتفت إليه، وإذا هو قد نزل به من الحياء والرعب ما رحمه منه فاعتنقه، وقال: أتحبها؟ قال: نعم، قال: قم فادخل بها في تلك القبة، فقام، فلما خرج قال له: قل في هذا شعرًا، فقال:

ظبي كنيت بطرفي ... عن الضمير إليه

قبلته من بعيد ... فاعتل من شفتيه

ورد أحسن رد ... بالكسر من حاجبيه

فما برحت مكاني ... حتى قدرت عليه

وأخرج ابن عساكر عن أبي خليفة الفضل بن الحباب قال: سمعت بعض النخاسين يقول: عرضت على المأمون جارية شاعرة فصيحة متأدبة شطرنجية، فساومته في ثمنها بألفي دينار، فقال المأمون: إن هي أجازت بيتًا أقوله ببيت من عندها أشتريها بما تقول وزدتك، فأنشد المأمون:

ماذا تقولين فيمن شفه أرق ... من جهد حبك حتى صار حيرانًا

فأجازته:

إذا وجدنا مُحِبًا قد أضر به ... داء الصبابة أوليناه إحسانًا

وأخرج الصولي عن الحسين الخليع قال: لما غضب علي المأمون ومنعني رزقًا لي عملت قصيدة أمتدحه بها ودفعتها إلى من أوصلها إليه، وأولها:

أجرني فإني قد ظمأت إلى الوعد ... متى تنجز الوعد المؤكد بالعهد

أعيذك من خلف الملوك، وقد ترى ... تقطع أنفاسي عليك من الوجد

أيبخل فرد الحسن عني بنائل ... قليل وقد أفردته بهوى فرد

إلى أن قال:

<<  <   >  >>