للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج السلفي في الطيوريات عن حفص المدائني قال: أتى المأمون بأسود قد ادعى النبوة وقال: أنا موسى بن عمران، فقال له المأمون: إن موسى بن عمران أخرج يده من جيبه بيضاء فأخرج يدك بيضاء حتى أومن بك، فقال الأسود: إنما جعل ذلك لموسى لما قال له فرعون: أنا ربكم الأعلى، فقل أنت كما قال فرعون حتى أخرج يدي بيضاء، وإلا لم تبيض.

وأخرج أيضًا: أن المأمون قال: ما انفتق علي فتق إلا وجدت سببه جور العمال.

وأخرج ابن عساكر عن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة في الفقه يوم الثلاثاء فجاء رجل عليه ثياب قد شمرها، ونعله في يده، فوقف على طرف البساط وقال: السلام عليكم، فرد عليه المأمون، فقال: أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت فيه، جلسته باجتماع الأمة أم بالمغالبة والقهر؟ قال: لا بهذا ولا بهذا، بل كان يتولى أمر المسلمين من عقد لي ولأخي، فلما صار الأمر إلي علمت أني محتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين في المشرق والمغرب على الرضا بي، ورأيت أني متى خليت الأمر اضطرب حبل الإسلام، ومرج أمرهم، وتنازعوا، وبطل الجهاد والحج، وانقطعت السبل، فقمت حياطة للمسلمين إلى أن يجمعوا على رجل يرضون به فأسلم إليه الأمر، فمتى اتفقوا على رجل خرجت له من الأمر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وذهب.

وأخرج عن محمد بن المنذر الكندي قال: حج الرشيد، فدخل الكوفة، فطلب المحدثين فلم يتخلف إلا عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون، فحدثهما ابن إدريس بمائة حديث، فقال المأمون: يا عم أتأذن لي أن أعيدها من حفظي؟ قال: افعل، فأعادها، فعجب من حفظه.

وقال بعضهم: استخرج المأمون كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرص، هكذا ذكره الذهبي مختصرًا.

وقال الفاكهي: أول من كسا الكعبة الديباج الأبيض المأمون، واستمر ذلك بعده إلى أيام الخليفة الناصر، إلا أن محمود بن سبكتكين كساها في خلال هذه المدة ديباجًا أصفر.

ومن كلام المأمون: لا نز هة ألذ من النظر في عقول الرجال، وقال: أعيت الحيلة في الأمر إذا أقبل أن يدبر وإذا أدبر أن يقبل، وقال: أحسن المجالس ما نظر فيه إلى الناس، وقال الناس ثلاثة: فمنهم مثل الغذاء لابد منه على كل حال، ومنهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالداء مكروه على كل حال.

وقال: ما أعياني جواب أحد مثلما أعياني جواب رجل من أهل الكوفة، قدمه أهلها فشكا عاملهم، فقلت: كذبت، بل هو رجل عادل، فقال صدق أمير المؤمنين وكذبت أنا، قد خصصتنا به في هذه البلدة دون باقي البلاد خذه واستعمله على بل آخر يشملهم من عدله وإنصافه مثل الذي شملنا، فقلت: قم في غير حفظ الله، عزلته عنكم.

ومن شعر المأمون:

<<  <   >  >>