يا دار غيرك البلى ومحاك ... يا ليت شعري ما الذي أبلاك؟!
فتطير المعتصم، وتطير الناس، وتغامزوا، وتعجبوا كيف ذهب هذا على إسحاق مع فهمه وعلمه وطول خدمته للملوك؟ وخرب المعتصم القصر بعد ذلك.
وأخرج عن إبراهيم بن العباس، قال: كان المعتصم إذا تكلم بلغ ما أراد وزاد عليه، وكان أول من ثرد الطعام وكثره، حتى بلغ ألف دينار في اليوم.
وأخرج عن أبي العيناء قال: سمعت المعتصم يقول: إذا نصر الهوى بطل الرأي.
وأخرج عن إسحاق قال: كان المعتصم يقول: من طلب الحق بماله وعليه أدركه.
وأخرج عن محمد بن عمر الرومي، قال: كان للمعتصم غلام يقال له: عجيب، لم ير الناس مثله قط، وكان مشغوفًا به، فعمل فيه أبياتًا، ثم دعاني، وقال: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب، لحب أمير المؤمنين لي، وميلي إلى اللعب وأنا حدث، فلم أنل ما نالوا، وقد عملت في عجيب أبياتًا، فإن كانت حسنة وإلا فاصدقني، حتى أكتمها، ثم أنشد شعرًا.
لقد رأيت عجيبًا ... يحكي الغزال الربيبا
الوجه منه كبدر ... والقدر يحكي القضيبا
وإن تناول سيفًا ... رأيت ليثًا حريبًا
وإن رمى بسهام ... كان المجيد المصيبا
طبيب ما بي من الحب ... فلا عدمت الطبيبا
إني هويت عجيبًا ... هوى أراه عجيبًا
فحلفت له بأيمان البيعة أنه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء، فطابت نفسه، وأمر لي بخمسين ألف درهم.
وقال الصولي: حدثنا عبد الواحد بن العباس الرياشي قال: كتب ملك الروم إلى المعتصم كتابًا يهدده فيه، فلما قرئ عليه قال للكاتب: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى، لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
وأخرج الصولي عن الفضل اليزيد قال: وجه المعتصم إلى الشعراء ببابه: من منكم يحسن أن يقول فينا كما قال منصور النمري في الرشيد.