للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتلت صناديد الرجال فلم أدع ... عدوًّا، ولم أمهل على ظنة خلقًا

وأخليت دور الملك من كل بازل ... وشتتهم غربًا، ومزقتهم شرقًا

فلما بلغت النجم عزًّا ورفعة ... ودانت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهمًا فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاجلًا ملقى

فأفسدت دنياي وديني سفاهة ... فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى؟

فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى ... إلى نعمة لله أم ناره ألقى؟

ومن شعر المعتضد:

يا لاحظي بالفتور والدعج ... وقاتلي بالدلال والغنج

أشكو إليك الذي لقيت من الـ ... ـوجد فهل لي إليك من فرج؟

حللت بالظرف والجمال من الـ ... ـناس محل العيون والمهج

وله، أنشد الصولي:

لم يلق من حر الفراق ... أحد كما أن منه لاق

يا سائلي عن طعمه ... ألفيته مر المذاق

جسمي يذوب، ومقلتي ... عبري، وقلبي ذو احتراق

ما لي أليف بعدكم ... إلا اكتئابي واشتياقي

فالله يحفظكم جميعًا ... في مقام وانطلاق

ولابن المعتز يرثيه:

يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدًا ... وأنت والد سوء تأكل الولدا

أستغفر الله، بل ذا كله قدر، ... رضيت بالله ربًّا واحدًا صمدًا

يا ساكن القبر في غبراء مظلمة ... بالظاهرية مقصى الدار منفردًا

أين الجيوش التي قد كنت تنجبها؟ ... أين الكنوز التي أحصيتها عددًا؟

أين السرير الذي قد كنت تملؤه ... مهابة من رأته عينه ارتعدا؟

أين الأعادي الأولى ذللت مصعبهم؟ ... أين الليوث التي صيرتها بددًا؟

أين الجياد التي حجلتها بدم ... وكن يحملن منك الضيغم الأسدا؟

أين الرماح التي غديتها مهجًا ... مذ مت ما وردت قلبًا ولا كبدًا؟

أين الجنان التي تجري جداولها ... وتستجيب إليها الطائر الغردا؟

أين الوصائف كالغزلان راتعة ... يسحبن من حلل موشية جددا؟

أين الملاهي؟ وأين الراح تحسبها ... ياقوتة كسيت من فضة زردا؟

أين الوثوب إلى الأعداء مبتغيًا ... صلاح ملك بني العباس إذ فسدا؟

ما زلت تقسر منهم كل قسورة ... وتحطم العالي الجبار معتمدًا

ثم انقضيت، فلا عين ولا أثر ... حتى كأنك يومًا لم تكن أحدًا

<<  <   >  >>