العباسية جدًّا، وفيها ملكت جيوش القائم الجزيرة من الفسطاط، واشتد قلق أهل مصر، وتأهبوا للحروب وجرت أمور وحروب يطول شرحها.
وفي سنة تسع قتل الحلاج بإفتاء القاضي أبو عمر والفقهاء والعلماء أنه حلال الدم، وله في أحواله السنية أخبار أفردها الناس بالتصنيف.
وفي سنة إحدى عشرة أمر المقتدر برد المواريث إلى ما صيرها المعتضد من توريث ذوي الأرحام.
وفي سنة اثنتي عشرة فتحت فرغانة على يد والي خراسان.
وفي سنة أربع عشرة دخلت الروم ملطية بالسيف.
وفيها جمدت دجلة بالموصل، وعبرت عليها الدواب، وهذا لم يعهد.
وفي سنة خمس عشرة دخلت الروم دمياط، وأخذوا من فيها وما فيها، وضربوا الناقوس في جامعها،
وفيها ظهرت الديلم على الري والجبال فقتل خلق وذبحت الأطفال.
وفي سنة ست عشرة بنى القرمطي دارًا سماها دار الهجرة، وكان في هذه السنين قد كثر فساده وأخذه البلاد وفتكه المسلمين، واشتد الخطب به، وتمكنت هيبته في القلوب، وكثر أتباعه، وبث السرايا، وتزلزل له الخليفة، وهزم جيش المقتدر غير مرة، وانقطع الحج في هذه السنين خوفًا من القرامطة، ونزح أهل مكة عنها، وقصدت الروم ناحية خلاط، وأخرجوا المنبر من جامعها وجعلوا الصليب مكانه.
وفي سنة سبع عشرة خرج مؤنس الخادم الملقب بالمظفر على المقتدر؛ لكونه بلغه أن يريد أن يولي إمرة الأمراء هارون بن غريب مكان مؤنس، وركب معه سائر الجيش والأمراء والجنود، وجاءوا إلى دار الخلافة، فهربت خواص المقتدر وأخرج المقتدر بعد العشاء، وذلك في ليلة رابع عشر المحرم من داره، وأمه، وخالته وحرمه ونهب لأمه ستمائة ألف دينار، وأشهد عليه بالخلع، وأحضر محمد بن المعتضد، وبايعه مؤنس والأمراء، ولقبوه القاهر بالله وفوضت الوزارة إلى أبي علي بن مقلة، وذلك يوم السبت وجلس القاهر يوم الأحد، وكتب الوزير عنه إلى بلاد، وعمل الموكب يوم الاثنين، فجاء العسكر يطلبون رزق البيعة ورزق السنة، ولم يكن مؤنس حاضرًا، فارتفعت الأصوات، فقتلوا الحاجب ومالوا إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر ليردوه إلى الخلافة، فحملوه على أعناقهم إلى دار مؤنس إلى قصر الخلافة، وأخذ القاهر فجيء به وهو يبكي ويقول: الله الله في نفسي فاستنداه وقبله، وقال له: يا أخي أنت والله لا ذنب لك، والله لا جرى عليك مني سوء أبدًا، فطب نفسًا، وسكن الناس، وعاد الوزير فكتب إلى الأقاليم بعود الخلافة إلى خلافته، وبذل المقتدر الأموال في الجند.
وفي هذه السنة سير المقتدر ركب الحاج مع منصور الديلمي، فوصلوا إلى مكة سالمين،